تصميم الموقع حــسام هــشام ألعيــداني ، المواضيع تعبر عن رأي كاتبها و لاتتحمل ادارة الموقع اي مسؤلية 
Copyright © 2010, All rights reserved to the Mandaean Association in Netherlands / Hague ,Inc Developed and Web designer By Hossam Hisham al Edani
 

   
 
  النضال من اجل الديمقراطية

الصابئة المندائيون والنضال من أجل الديمقراطية
نعيم الزهيري

نعبد الله بقلب طاهر ، رب الخلائق أجمعين ،الحي القوي الدائم ، النور الأزلي الخالد الذي لا ينطفئ ، عمت طهارته كل مكان ، لا تقربوا الزنا والفاحشة والسرقة ، لاتقتلوا أبناء الناس ، انبذوا الرذيلة والكذب ، اجتنبوا تعلم السحر ولا تشهدوا كذبا َ، لا تهبوا أنفسكم لملوك وسلاطين ومردة هذه الدنيا ولا تكتنزوا الذهب والفضة ذلك يجعلكم وقودا للنار ، كل من عمل عملا صالحاً وجاهر به لن يكسب عليه أجرا ً يوم القيامة ، احترموا آباءكم وأمهاتكم ، أيها الصالحون إذا رأيتم جائعا فأطعموه وإذا رأيتم عطشانا فاسقوه وإذا رأيتم عريانا فألبسوه واستروه ، يأ يها المؤمنون إن الصيام الأكبر في هذه الدنيا الفانية هو ليس منع أنفسكم عن الطعام والشراب ، الصوم أن تغضوا أبصاركم عن النظرات البذيئة ، الصوم ألا تسترقوا السمع لما يقوله الناس في بيوتهم ، الصوم ألاّ تنطق أفواهكم بأقوال الكذب والرياء ، أبعدوا قلوبكم عن الحسد والضغينة وأفرغوا عقولكم من الأفكار السيئة ، ابتعدوا عن القتل والنهب والسلب والسرقة ، لاتقربوا إلاّ نساءكم ، لا تسجدوا للأصنام وآلهة الكذب .....

 

ما أجمل هذه النصوص وأعظمها لهداية الإنسان بغية تجرده من الأنانية والخطايا والذنوب ...هذه النصوص مقتطفة من كتاب ال( كنزا ربا ) الكتاب المقدس لدى الصابئة المندائيين .

 

تشيـر البحوث الحديثة إلى أن الدين المندائي أول دين للبشرية ظهر في جنوب العراق والجنوب الغربي من إيران ،وامتد إلى أجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية ومصر.

 

الدين المندائي عرف التوحيد مبكرا ،لذا فإن المندائيين يعتبرون دينهم أول دين عرف التوحيد في بلاد الرافدين .

 

الدين المندائي يهتم بشؤون الآخرة أكثر من اهتمامه في شؤون الدنيا التي يعتبرها محطة زائلة في حياة الإنسان .

 

ومن هنا فهو يدعو الناس للتعبد والصلاح وعمل الخير والمحبة والتآلف فيما بينهم والناس المحيطين بهم على اختلاف الأجناس والأديان

 

لم يحدثنا التأريخ عن قيام دولة أوسلطة مندائية تقسر الآخرين على ترك معتقداتهم الدينية واعتناق الدين المندائي

 

كما أنهم لايقيمون الحدود على من يخرج عن دينهم .... الدين المندائي يخاطب الناس بالمنطق ويدعوهم لنبذ الخطايا والتصرفات التي تضر البشر ،فهو منذ ظهوره ينشد السلام واحترام الإنسان ،وما نسميه الآن بحقوق الإنسان ،ولعل ذلك متماش مع الظروف التأريخية التي نشأ فيها ... ومن يتمعن بالصلاة المندائية ،فلن يرَى غير التوجه للخالق وتقوية الإيمان والثقة بالنفس والابتعاد عن الرزايا ؛ ففي الوضوء للصلاة يقول المصلي :

 

ـ أطهر يدي بالعهد ،وشفتي بالإيمان لينطقا بكلام النور ؛ وأفكاري تدخل في عقيدة النور؛ أتبارك باسمك ومُسبح اسمك سيدي عارف الحياة ؛ أتبارك وأسبح ذلك السيماء العظيم الموقر الذي انبعث من ذاته ؛ أذناي تصغيان لأقوال الحي ربي ... وعند استنشاق الماء يقول : أنفي يستنشق رائحة الحياة ؛ امتلأ فمي بالصلوات ؛ ركبتاي مثبتتان وساجدتان للحي العظيم .... إلخ . الدنيا بالنسبة للمندائي دنيا ظلام ،لا يتم الخلاص منها إلا بصعود النفس الطاهرة إلى عالم النورعالم النزاهة والعدالة ـ مشوني كَشطة ـ حيث السعادة الحقيقية . والنفس لا تستطيع أن تصون طهارتها إلا إذا اعتزلت عمن اتبع العبادات الباطلة وسلكت طريق النزاهة والعدالة وحب الناس " أمسكوا أنفسكم عن السعي في السوء ، لا تشتروا الدنيا فهي فانيــة "

 

وينظر الدين المندائي للمساواة التامة بين الرجل والمرأة ،بل يرجح كفة الميزان للمرأة ،إذ يعتبر الزوج والزوجة جسـدين في روح واحـدة لهـذا يحرم على رجل الدين المندائي تعميد زوجته ...

 تعرض المندائيون خلال المسيرة التأريخية لدينهم إلى القمع والقهر والتصفيات الجسدية والإكراه لترك دينهم واعتناق أديان أخرى علما ًبأنهم ما كانوا يملكون دولة أو سلطة دنيوية أو إقطاعيات لتنتزع منهم رغم أن بعض الأديان الهامة كانت قد ذكرتهم وبجلت نبيهم يحيى بن زكريا ( يوحنا المعمدان ) عليه السلام ،بأحسن تبجيل ، فلقد وصف السيد يسوع المسيح يوحنا المعمدان بأنه أفضل من نبي ، إنه ملاك ثم قال : لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " .... إنجيل متي 11/11 ، إنجيل لوقا 7/28 ..

 

أما عند المسلمين فقد ذكرهم القرآن الكريم في ثلاث سور هي : سورة البقرة الآية 62 / سورة المائدة الآية 69 / سورة الحج الآية 17 ،إضافة إلى آيات أخر . لكن رغم ذلك تعرض المندائيون إلى حملات إبادة كبيرة على أيدي الوثنيين واليهود والمسيحيين والإسلام .

 

إننا لا ندين الأديان السماوية بتلك المذابح ، بل ندين الحكام والمتسترين بالدين على تلك الجرائم ...
 وإليكم بعض الأمثلة الموثقة على حملات الإبادة : 
· خارج بلاد الرافدين

 

ـ في مصر في الألف الثاني قبل الميلاد

 

ـ في القدس بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد

 

ـ في فلسطين بحدود القرنين الثالث والرابع الميلادي

 

ـ في القرن الثامن الميلادي على أيدي المسلمين

 

· في بــلاد الرافدين وفارس

 

ـ في الألف الثالث قبل الميلاد من قبل الأكديين

 

لقـد دون رجال الدين المندائيون في كتبهم أقرب مجزرتين تعرض لهما المندائيون في جنوب إيران في عام 885 هـ . كان عدد بيوت المندائيين قبل المذبحة 4000 بيت وعــدد رجال الدين المندائيين 450 منهم 400 بدرجة ترميذا و50 بدرجة كَنزبرا ، أ ُمـر المسلمون بقتلهم ،فأبيـد أغلبهم ولم يسلم منهم سوى 50 بيتا ورجل دين واحد بدرجة ترميذا ..هــذا إضافة إلى الإبادة التي تعرضوا لها بأمر من الحاكم العربي سلطان محسن بن مهدي . وفي عهد حاكم شوشتر فياض بن محمـد ....

 

( د . عصام الزهيري ــ رسالة الدكتوراه ـ مانشستر / المملكة المتحدة " )

 

مرت العلاقــة بين المندائيين والمسلمين ، كآخر دين عايشوه بخط متعرج ، تبعا ً للنظام السياسي ووعي الحاكم وثقافته وانفتاحه ،ووعي المجتع كذلك .. وهنا من المستحسن الإشارة إلى ما قام به أ َعلام المندائيين في زمن الدولة العباسية في رفــد المكتبة العربية والعلوم العربية بترجمات من اللغات الأجنبية آنذاك ، وإبداعهم في الطب والفلك وعلم الحساب والموسيقى والأدب والشعر ... لكنهم بعد تدهور تلك الحضارة والغزو المغولي ومن ثم الحكم العثماني ، انكمش الصابئة المندائيون وانزووا في القرى الجنوبية من العراق وإيران ليكونوا بمنأى عن بطش الحكام والمتشددين من أصحاب السطوة والجهلة من رجال الدين، وهــذا هو سبب انغلاقهم على دينهم انغلاقا يكاد أن يكون تاما ً ،وباتت لغتهم وأبجديتهم وأصول دينهم غير واضحة لأبنائهم إلا ما ندر يحفظها رجال الدين وبعض المثقفين منهم فقط 

فرضت الحالة الاجتماعية ـ الاقتصادية على فلاحي جنوب العراق وإيران التعايش المشترك بينهم وبين الصابئة المندائيين ،بحكم الحاجة إلى صنع أدوات الإنتاج التي هي من اختصاص المندائيين مثل : القارب (المشحوف) ،المنجل ،الفدان ،الفالة ،وكذلك المصوغات الذهبية والفضية وكانت في الغالب لعوائل شيوخ العشائر... . لقـد انعكس نتاج المندائيين الحرفي في الفولكلور والفن الشعبي العراقي كقول الشاعر الشعبي الملا عبود الكرخي

 

ذبيت روحي علَ الجرش وادري الجرش ياذيها

 

ساعة لكسر المجرشـــة والعن أبـو راعيها

 

و قال شاعر آخر

كون الحبيــب ايصيــر ترجيــة باذني

إن كَمت وإن كعديــت بالخـد يحبني

 

وآخر قال

 

يسوار الذهب لــتعـذب المعصـم

معصمهــا رقيــق وخاف يتألـم

 

ومن أجل حماية أنفسهم في ذلك المجتمع العشائري المتخلف ، عقد المندائيون تحالفات مع العشائر وصاروا أفرادا ً فيها ،لكنهم كانوا يعاملون كأفراد من الدرجة الثانية وليس كأفراد من أصل العشيرة فكانت الواجبات عليهم أكثر من الحقوق لهم ...
مـن هـذا الواقع المـرّ الذي يعيشونه مـن جانب ، وتعلقهم بأرض الآباء والأجداد والتراث من جانب آخــر (النقيض) بدأ المندائيون بالتوجه إلى المدن الكبيرة ، وقد جذبهم النشاط الاقتصادي وتطور النظام الإداري في البلاد وانحسار التفرقة الدينية كذلك الآفاق الواسعة لطلب العلم والمعرفة والوظيفة .... وغيرهـا ..و في المدن ازداد احتكاكهم بالمجتمع الجديد ،فانفتحوا على عالم الحضارة والتطور النسبي .اشتغلوا في حرفة الصياغة فأبدعوا فيها وطوروها .والتحقوا بالمدارس والمعاهد والكليات ؛ ولا نغالي إذا ما قلنا : إن نسبة المتعلمين والمثقفين من المندائيين من مختلف الأختصاصات ، علمية وطبية وهندسية وأدبية وفنية وعلوم إنسانية إضافة للمعلمين الأوائل والمدرسين والأكاديميين والمبدعين من الفنين والحرفين المهرة، قياسا إلى عدد نفوسهم تشكل أعلى نسبة في المجتمع العراقي ،مقارنة مع ًالقوميات والأديان الأخرى ،مشاركين في بناء دولة العراق الحديثة بكل تفاني وإخلاص.

 

لقد انعكس مجتمع المدينة على أبناء المندائيين بتأ ثيرعاملين هامين ، الأول هو التطلع إلى التحصيل العلمي والانفتاح على الثقافة التقدمية والفكر الجديد ، والثاني هو قلة الاهتمام بالأمور الدينية والثراث كآبائهم وأجدادهم .....

 

بالرغــم من أن الدستور العراقي الأول منذ تأسيس الدولة العراقية ينص على المساواة بين العراقيين ، إلاّ أننا لـم نر َّ مندائيا استؤزر أو حصل على درجة مدير عام مثلا ! اللهم إلاّ بعد ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة /1958 إذ عُين العالم العراقي الكبير عبد الجبار عبد الله رئيسا ً لجامعة بــغداد ، وجرد من ذلك المنصب إثر انقلاب شباط الأسوّد 1963 فأودع السجن وتعرض إلى معاملة لا تليق بمكانته العلمية والاجتماعية من قبل ما يسمى بالحرس القومي آنذاك. 

لـم يتسـع المجال هنا لإعطاء أمثلة وشواهـــد أكثر وأدق لكننا نذكر منها ما عايشته أنا شخصيا ً ، لكن أود أن ألفت نظر القارئ الكريم والمتتبع لتأريخ هذا الدين القديم جدا في بلاد الرافدين وأبنائه المسالمين الطيبين ، الى ما يلاقونه الآن من شتى صنوف الاضطهاد والقهر والعسف كإجبارهم على تغيير دينهم ،والخطف ثم المساومة وطلب الفدية وخطف الفتيات وتزويجهن بالقوة وإجبارهم على ترك بيوتهم للاستيلاء عليها والقتل ذبحا ً والاغتيالات واختطاف الأطفال وختانهم .... وغيرها من التجاوزات التي لم يألفها مجتمعنا سـابقا ً . هــذه الأوضاع أجبرت أغلب المندائيين على الهرب حفاظا على أرواحهم من الهلاك ، فلم يبق منهم في العراق غير 2000 ـــ 3000 نسمة كما تشير الأخبارالحديثة مــن مجموع 40 الفا ً حسب احصاء 1977 ،كما تقول الوثائق السرية للنظام المقبور ... إن هذا الأمر دعــا منظمات إنسانية دولية وعراقية ومفكرين مرموقين أن يناصروا هذه الأقليــة الدينية والأقليات العرقية والدينية الأخرى ، بتنظيم حملات التضامن معهم ....
.............................

وهناك جانب آخر هام أيضا إنه لا يمكن عزل المجتمع العراقي -والصابئة المندائيون جزء منه - عما يجري في المنطقة والعالم من أحداث وتطورات . فالفلسفة الاشتراكية التي أثّرت تأثيرا كبيرا في المجتمعات الأوربية وغرست فيها روح النضال والثورة التي حدثت هناك في العقود الأولى من القرن الماضي ،في سبيل العدالة والمساواة وتحسين ظروف الكادحين ، وامتد تأثيرها إلى العراق فتبنى الرواد الأوائل تلك الأفكار ،وبالأخص الأفكار الاشتراكية ونشروها ،إضافة إلى المسارب الأخرى التي دخلت فيها . فتأسست جمعيات ونواد غرضها الإصلاح والتقدم . وكان لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي في عام 1934 م تأثير كبير أيضا ً، خاصة في عقد الأربعينات وما بعده وتصدره للنضالات السياسية والمطلبية للجماهير الشعبية ...

 

كان للحزب الشيوعي العراقي أبلغ الأثرفي جذب الفئة المتنورة من أبناء الطائفة المندائية ( مدار حديثنا ) لأنه لم يـبن على أساس قومي أو ديني أو طائفي ولم يميز بين الرجل والمرأة ، بل بني على الأساس الطبقي ، ويضم في صفوفه من كافة أبناء الشعب دون تمييز ، كما تحتوي برامجه على نشر العدالة والمساواة والنضال في سبيل حياة أفضل لكادحي العراق . ومن تجربتي الشخصية ،فإنني انضممت للحزب الشيوعي بوعي وقد وجدت في برامجه وسلوك مناضليه ما يرضي طموحي ، ومن جانب آخر هام هو بُؤس الفلاحين واضطهادهم من قبل الاقطاع ، والتفرقة الدينية والعنصرية ، كانا سببين رئيسيين في اعتناقي الشيوعية .

 

وجد الطلبة من أبناء الطائفة المندائية في دور المعلمين والمعاهد المهنية الأخرى والجيش ضالتهم وما يتطلعون اليه في الحزب الشيوعي كمُعبّر عن آمال شعبهم في التحرر والانعتاق والحرية وبناء المستقبل النيّر للعراق ؛ فكان من الرواد الاوائل من أبنائهم ،مثلا وليس حصرا ً : نعيم بدوي وعزيز سباهي وجاسب كَبيّص وجبار عبود لفته ودلّي مريوش وعبد الجبار الزهيري وهو أول شهيد صابئي مندائي ( نشرت عنه في موقع الناس ) وصالح باحور وشنور عوده قائد المسيرة الكبرى لعمال النفط في k 3 وفاضل كزار وخلف صياح ولعيبي خلف وخيري يوسف الحيدر وستار خضير صكر وعبد الله علك َ .... والكثيرون غيرهم مما لايتسع المجال لذكرأسمائهم فعذرا ً. ومن هؤلاء وغيرهم من زامل فهد مؤسس الحزب الحزب الشيوعي العراقي في سجن الكوت... .كما برزت شخصيات ووجوه اجتماعية مرموقة لها وزنها وتأثيرها في المجتمع مثل المرحوم غضبان الرومي وعنيسي وفندي الفعل وياسر الصكر ،ويقف في المقدمة الشيخ داخل ، وغيرهم ممن لم يسلموا من الاعتقالات والتعذيب على يد الحكام الدكتاتوريين

 

ومثل التقدميين الآخرين تحمّل هؤلاء المناضلون التوقيف والمطاردة والفصل من الوظيفة والسجن والإبعاد، فمنهم من أمضى عشر سنوات في السجن مثل نعيم بدوي وعزيز سباهي وغيرهم ومنهم من أبعد إلى بدرة وجصان أو سامراء أو العمارة ، حتى اقترن لدى السلطات القمعية اسم الصابئي المندائي بالشيوعية ....

 

ولم تتخلف المرأة المندائية عن أخيها الرجل ،بل هي أيضا طرقت ميدان السياسة فانتمت للحزب وللمنظمات الديمقراطية كرابطة الدفاع عن حقوق المراة وغيرها . وقد أبدعت المرأة المندائية في شدّ أزر زوجها المناضل أو أخيها، في إخفاء الوثائق والرقابة لحماية المجتمعين في البيوت الحزبية ونقل البريد وتحملت مثل زوجها ، كأي مناضل ، المطاردة والتعذيب والسجن . إنني إذ انحني إجلالا ً لكل المناضلات اللائي تحملن ألوان العذاب والحرمان مع أزواجهن أو إخوانهن وأذكر منهن : أم عادل زوجة لعيبي خلف وأم حازم زوجة خيري يوسف وأم مي زوجة الشهيد ستار خضير وأم ناظم زوجة جاسب كَبيص وأم رياض زوجة نعيم بدوي وأم سعد زوجة عزيز سباهي وأم عايد زوجة عبد الله علكّ وأم نضال حيث اعتقلت في العهد الملكي المباد ووضعت طفلها ( مخلص ) وهي في السجن ، وتطول قائمة الأسماء ( أعتذرعن ذكر جميع الأسماء ) مرورا ً بعوائل أصدقاء الحزب مثل السيد نعمة فضل صديق الحزب منذ 1949 وزوجته زكية جابر، وعوائل أخرى .....( إنني أعتذر عن ذكر الأسماء الصريحة للمناضلات ، بل ذكرتهن حسب الكنى كعادتنا العراقية ).

 

وفي عهديّ حكم البعث، الأول والثاني تحمل الكثير من المناضلين المندائيين نساء ً ورجالا ً الكثير من مشاق النضال ومصاعبه ؛ فمن لا يعرف ليلى الرومي ودلال محارب وروضة عبد اللطيف وزكية جابر التي انطلقت انتفاضتان ثوريتان من بيتها هما ؛ انتفاضة الجنود في معسكرالرشيد في 3/7 / 1963 وانتفاضة الثوريين ( جماعة سليم الفخري ) واستشهاد قائد الانتفاضة (كريم عزيز )في بيتها، ودخلت السجن كل العائلة ،الأب والأم والبنت ( زوجتي حاليا ) والأطفال ... ومن تجربتي الشخصية فإنني سجنت بخمسة سجون كبيرة في العراق وعشرة معتقلات خلال مدد محكومياتي واعتقالاتي التي قاربت عشر سنوات ، وفي كل سجن أو معتقل كنت ألتقي بعدد من المناضلين المندائيين .لكنني لم ألتق ِ بمندائي دخل السجن بتهمة السرقة أو القتل أو أية جريمة أخلاقية إلا ما ندر .

 

أعطى المندائيون الكثير من الشهداء على مذبح حرية العراق وانعتاقه وفي سبيل الديقراطية والمساواة اعتبارا من العهد الملكي ولغاية سقوط النظام الفاشي في نيسان/ 2003 فعائلة حميــد شلتاغ صفيّت، هو وزوجته وابنه ، وعائلة خضير موحي أعطت ثلاثة من أولادها شهداء على مذبح الحرية هم كل من حسام وباسم وانتصار وأعدم بشير زغير وجبار حلاوي وصالح هليجي وعبد الرزاق سهيم وإكرام عواد سعدون ونافع عبد الرزاق الحيدر وسمير جبار حامي والتفات ثجيل خفي السعدي واخويه رعد ورشيد وإبن أختهم سعدون لعيوس العثماني وآخرون. وفي حركة الكفاح المسلح ساهم أبناء وبنات الطائفة المندائية وتحملوا مع إخوانهم الأنصار كل الظروف الشاقة ، واستشهد منهم العديد وفي المقدمة هيثم ناصر صكرالحيدر ( عــايد ) ورحيم كوكو ( أبو فكرت ) وعميــدة عذبي ( أحلام ) وسمير زامل صادق إضافة للجرحى ... لقد بادر الأخ النصير فائز الحيدر ( أبو سوزان ) بتنظيم ملف بأسماء شهداء النضال المندائيين وقد تجاوز العدد السبعين شهيدا ً سياسيا ً في عهود الدكتاتوريات المتعاقبة على العراق ، لغاية سقوط الصنم ، والقائمة مستمـرة .

 

 

الآن وبعد هذه اللمحة القصيرة والمحطات السريعة جدا من نضال المندائيين وتضحياتهم الجسام في سبيل سعادة الشعب العراقي وكرامته وتحرره وإحلال المحبة والسلام في أرجاء المعمورة والعدل والمساواة؛ نقول ماذا جنى المندائيون غير القتل الفردي والجماعي والتشريد والإكراه ،وتحت أنظار الحكومة وأجهزتها المسلحة ،والأنكى من ذلك أنهم مهمشون مثل باقي الأقليات الدينية والإثنية ، وهذه التي تسمى أقليات و( أهل الذمة ) الكلمة المسخ !! هم البُناة الأوائل لحضارة وادي الرافدين الحضارة العراقية الأولى في التأريخ ،الحضارة التي يتغزل بها الكتاب والمسؤولون العرب والعراقيون والأجانب ويتفاخرون بها .. فإن كان الغزاة الأوربيون قد أبادوا السكان الأصليين من الهنود الحمر في أمريكا ، وحشروا الناجين منهم في زاوية وأشاعوا بينهم المخدرات والقمار ، فماذا عن الحكام الجدد في العراق !؟ إنهم ولا شك قد استأثروا بالبيت الذي جاؤوا إليه على كتف الدبابة والطائرة الأمريكية والغربية . وقد سال لعابهم على بضعة مقاعد مخصصة للقوميات الصغيرة ... ألا يحق لنا القول: إنه مخطط مكشوف لتفريغ العراق من سكانه الأصليين !؟

 

نعيم الزهيري 6/12/ 2008

 

*المصادر :

الدكتور عصام الزهيري ـ رسالة الدكتوراه ـ مانشستر

عزيز سباهي ، أصول الصابئة المندائيين ومعتقداتهم الدينية

المرحوم غضبان الرومي ــ سيرة حياته

كتب اخرى

ألجمعية الثقافية المندائية في لاهاي هولندا

 

 

باسم الحي العظيم
 
اشوما اد هيي واشمه اد مندا اد هيي مدخر الي اكا هيي اكا ماري اكامندا ادهيي اكا باثر نهورا بسهدوثا اد هيي وبسهدوثا اد ملكا ربا راما اد نهورا الاها اد من نافشي افرش اد لاباطل ولا مبطل اشمخ يا هيي وماري ومندا ادهيي
والحي المزكي
اعجبني
 
حقوق الطبع والنشر
 
تنشر الجمعية الثقافية المندائية في هولندا لاهاي المعلومات الخاصة بها على شبكة الانترنت .
وإذا راودتك الرغبة فى اقتباس المعلومات ، أو استنساخها ، أو إعادة نشرها أو ترجمة أي أجزاء منها بغرض ترويجها على نطاق أوسع ، يرجى تبليغ الجمعية الثقافية المندائية او الاتصال بمدير الموقع وذلك بالضغط على زر مراسلتنا على الجهة اليسرى .
وتحتفظ الجمعية الثقافية المندائية بكافة حقوق الطبع والنشر الخاصة بالمواد المعروضة على صفحاتها على شبكة الإنترنت ، بما فى ذلك الصور والتصميمات والرسوم البيانية.
ويحظر استعمال مواد الموقع للاغراض التجارية او نسخها على سيديات او انتهاك شرعية الموقع .
ويعتبر استعمال اسم الجمعية وشعارها بدون الحصول على إذن بذلك مخالفاً للقانون الدولي بحقوق النشر وممنوعاً منعاً باتاً.
نحن من هذا الموقع نحاول ايصال الافكار والمقالات والتعريف بالدين الصابئي المندائي ونحن بهذا الموقع لانتخاصم مع اي جهة دينية او سياسية اخرى . لذا يحق لجميع الصابئة المندائيين بالحصول مجانا على ما في هذا الموقع بشرط مراسلتنا لنزودهم بالمسموح . ويمكن لجميع المندائيين ان يزودوننا بمقالاتهم ومواضيعهم واخبارهم المهمة و الرئيسية ( بالعربي او بالهولندي او بالانكليزي) وذلك لنشرها مجاناً على موقعنا .
© جميع الحقوق محفوظة للجمعية المندائية في هولندا دنهاخ 2010 Copyright © 2010, All rights reserved to the Mandaean Association in the Netherlands / Hague ,Inc
 
Today, there have been 245914 visitors (458053 hits) Total This Week.
تصميم الموقع حــسام هــشام ألعيــداني© جميع الحقوق محفوظة للجمعية الثقافية المندائية في لاهاي هولندا
Copyright © 2010, All rights reserved to the Mandaean Association in Netherlands / Hague ,Inc Developed and Web designer By Hossam Hisham al Edani

This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free