تصميم الموقع حــسام هــشام ألعيــداني ، المواضيع تعبر عن رأي كاتبها و لاتتحمل ادارة الموقع اي مسؤلية 
Copyright © 2010, All rights reserved to the Mandaean Association in Netherlands / Hague ,Inc Developed and Web designer By Hossam Hisham al Edani
 

   
 
  الماء الحي بالطقوس

الماء الحي  بين الطقوس والمعتقدات المندائية

الماء الحي . . بين الطقوس

والمعتقدات المندائيـــــــــــــــة

نقلاً عن مجلة الثقافة الجديدة المندائية . .

بقلم الباحثة ماجيلا فرانز مان _ ترجمة وتلخيص : ماجد فندي المباركي

كأية مجموعة صغيرة منعزلة تحاول العيش تحت نظام صارم لتطبيق وممارسة معتقداتهم الدينية القديمة يواجه المندائيون في الوقت الحاضر صعوبات كثيرة نتيجة لإختلاطهم مع العالم المتحضر وتأثرهم بالتطور الثقافي والتكنولوجي المستمر . ليدي دراور أشارت إلى هذه الصعوبات سنة 1937 ، التقارير اللاحقة لا توحي بالتفاؤل. كما أن الحرب العراقية الإيرانية قد فاقمت من وضع الطائفة المندائية كثيراً.

فقد حذر سوكس من إحتمال وقوع كارثة مدمرة للطائفة بدون علم الحكومة العراقية ، وذلك لتواجد أغلبيتها في مناطق الأهوار التي تحتوي على مخزون نفطي هائل .

لعل كان اكبر مؤشر لتدهور وضع الطائفة هو تماديها بعدم المبالاة بلغتها ودينها ، وكان إرسال أحد المرشحين للكهانة ، من قبل الشيخ عبد الله ، إلى ألمانيا لدراسة اللغة المندائية لدى العالم كورت رودلف ، هو دليل واضح على هذا التدهور الذي أصبح خطيراً، ولم يترك للباحثين الوقت الكافي لدراسة هذه الطائفة ودينها كدين حي ، وهي على قيد الحياة .

إن أغلب الدراسات عن المندائيين كانت تدور حول منشئهم ، جذورهم التأريخية ، أصل وتطور دينهم ، لغتهم وغيرها . منذ عشر سنوات أشارت باكلي إلى علاقة الطقوس بالمعتقدات في دراستها الخاصة عن مراسيم شعائر الموت الجماعية ( المسخثا ) وإنتقدت فيها الباحثين الذين تجاهلوا أهمية هذه العلاقة بالقول:

(( مازال الباحثون بالمندائية عموماً يعتبرون العلاقة بين الطقوس والمعتقدات علاقة غير جوهرية ولا ترتبط مع بعضها البعض وعندما يظهر الإهتمام بالطقوس فإن محاولات إستخلاص المعنى الحقيقي لهذه الطقوس ضمن إطار المعتقدات الدينية تكون ضعيفة ومحدودة )).

هذه الدراسة تنسجم مع رأي باكلي حول أهمية البحث في علاقة الطقوس بالمعتقدات من خلال ظاهرة مراسيم التعميد المندائي ( مصبتا ) وذلك بإلقاء الضوء على أهمية عنصر الماء الحي في إطار المعتقدات وطقوس التعميد ، لكونه منبع الحياة وحلقة الوصل المستمرة بين عالم النور والعالم الأرضي . وكانت دراسة ويد كرين لطقوس التتويج في مراسيم التعميد المندائي قد أوضحت بعضاً من اوجه العلاقة بين الطقوس والمعتقدات وقد إعتمد مبدأ المقارنة بالتحري عن التعميد وعلاقته بطقوس التتويج . وما نطرحه فيما يلي تحقيق خاص لعلاقة الطقوس بالمعتقدات المندائية نفسها :

1- الماء الحي ( ميا هيي ) : المعتقدات

الموضوع : الماء ، الضياء والحياة ، الماء هنا حلقة وصل بين عالم النور والأرض .

الماء الحي نشا في عالم النور . إن ما ورد حول هذا الموضوع في ( كنزا ربا ) ، يختلف من مكان لآخر، وليس من السهل إيضاحه . فمثلاً عن منشأ الماء الحي أو مكانه نسبة لموقعه في عمليات التكوين يذكر :

بُعيدَ عالم النور كانت الحياة / ومن الحياة جاء الماء / ومن الماء جاء البهاء / ومن البهاء جاء النور / ومن النور جاء الأثري .

ومن مكان آخر يذكر أن الحياة قد تكونت من الماء بقوة ملك النور :

الثمرة العظيمة جاءت ، / ومنها جاءت اليردنا، /

اليردنا العظيمة جاءت،/ المياه الحية جاءت ،/

المياه المتلألئة جاءت ، / ومن الماء الحي جئت أنا الحياة ، /

فرغم بعض الإختلافات في هذه التفاصيل ، نرى وضوح العلاقة الوثيقة بين الحياة والنور والماء .

ويقابل الماء الحي في عالم النور الماء الأسود ( ميا سياوي ) في عالم الظلام ن لكن الماء الحي أرفع منزلة من الماء الأسود ، لكون النور أقدم من الظلام . إن الماء الأسود كما يقال قد أحاط بالأرض بعد تكوينها من قبل ( بثاهيل ) وفي هذه المياه السوداء صُِبَخيط رفيع من ماء اليردنا النوراني من قبل (مندادهيي )ونتيجة لذلك أصبح الماء حلواً وعذباً . ((وهكذا لينعم أبناء الإنسان بشربه ويكون مثيلاً للحياة العظمى )) .

إن حكاية إرسال الماء الحي إلى العالم الأرضي قد وردت في المعتقدات بأكثر من مكان مع بعض الإختلافات في تفاصيلها . مثلاً يشار غلى كيفية إرسال الماء الحي لعالم الأرض بحراسة (شملي وندبي ) وكيف تذمر الماء الحي بسبب عذابه وإضعاف قوته ولكن هذين الحارسين طلبا منه الخلود والسكينة ، لأنها أوامر من الحياة العظمى ، وهي لغرض نشر البهاء ، وتقديم العون للأرواح ، وتهيئة المناخ اللازم للتعميد الحي والشفاء. وهناك نص آخر يبين بوضوح مدى إرتباط الماء مع عالم النور :

 وهكذا لتتدفق المياه للأمام / وإن رباط هذا العالم قد تم . إن مفهوم نقل الماء الحي السماوي ومزجه بالماء الأرضي يتكرر الكلام عند المندائيين وينعكس ذلك بدون تمييز في إستعمالهم كلمة يردنا ( الماء الحي في عالم النور ) ويردنا ( ماء الأنهار الجارية في العالم الأرضي ) .

إن ما نراه من مفهوم إرسال الماء الحي السماوي وإختلاطه بالماء الأسود ماء العالم الأرضي ، والعلاقة الوطيدة بين الحياة ، النور والماء ، هي أكثر المظاهر أهمية لمبدأ الخلاص في المعتقدات المندائية .

إن نزول ( اليردنا ) الماء الحي السماوي وإختلاطه بـ ( اليردنا ) في العالم الأرضي قد عزز العلاقة الوطيدة ، بين عالم النور والعالم الأرضي ، مما أدى إلى نشوء الحياة في هذا العالم . فلو إن يردنا الماء الحي السماوي لم يختلط مع ماء الأرض ، لبقى ماء الأرض أسود بدون حياة ، أي كما كان عند التكوين ، ولبقيت أرواح المندائيين حبيسة في عالم الظلام .

 

2- الماء الحي ( ميا هيي ) طقوس التعميد

    1- أستعمالات الماء في الطقوس المندائية :

يدخل الماء في كثير من الطقوس المندائية ، منها طقوس الغمر أو الغطس في في مراسيم ( التعميد ، المسخثا ، تكريس الكاهن ، الزواج ، النحر وفق الأصول المندائية ) . وكذلك في طقوس التطهر ( الرشاما

الطماشا ، الإغتسال ، تكريس المندي ، غسل أرجل المرشح للكهانة ، غسل السكين قبل البدء وبعد الإنتهاء من مراسيم النحر ) وكذلك شرب ((الممبوها )) في مراسيم التعميد والمسخثا ، وفي عمل ((الهمرا)) وهو خليط من الماء والزبيب يستعمل في مراسيم الزواج .

إن الغطس أو الإغتسال في مراسيم التعميد ( المصبتا ) أو بعض الصور المختصرة منه ، يعتبر العمود الرئيسي في حياة المندائيين ويكون مكملاً لأغلب الطقوس المندائية الأخرى . والتعميد ( المصبتا ) مشتق من المصطلح صبا ومفردها ( صبي )، [ الفعل صبا يعني يتعمد ، يغمر ، يغطس ، لأجل الصبغ ] وهذا يدل على جوهر المندائية .

2- طقوس التعميد عموماً :

يجري التعميد عند المندائيين عادة يوم الأحد كل أسبوع ، وكذلك في المناسبات الدينية الأخرى وخاصة في الأيام الخمسة ( البنجة ) ، ويكون إجراؤه ضرورياً بعد الزواج ، الولادة ، ملامسة الميت ، المرض ، بعد السفر ، إقتراف ذنب ، مثل السرقة ، الزنا ، القتل ، وهذا يتطلب أكثر من تعميد واحد .

وتقسم هذه الطقوس إلى قسمين : قسم الإغتسال ويتم داخل الماء ، والقسم الآخر ويتم على ضفة النهر بعد إجراء الإغتسال ويتم تناول الطعام القدسي ، الخبز والماء المقدسين ، ، المسح بالزيت وتراتيل الصلاة .

3- المعتقدات في مراسيم صلوات التعميد :

تحتوي صلوات التعميد على رموز عميقة المعنى على مستويات متباينة ، فنجد في كتاب الصلوات المندائية معتقدين متشابهين في تركيبتهما عن العالمين السماوي والأرضي . الصلوات تفتح بنبذة موجزة عن نشوء الكون ، يتبعها سرد قصصي قصير عن الشخص الذي لا يضع التاج ، ولقاءه بالكواكب السبعة

أما تفاصيل مراسم التتويج السماوية فتأتي في الجزء النهائي للصلاة الطقسية الخاصة بالعالم الأرضي والتي يتلوها الكاهن إثناء مراسيم وضع عمامته فوق رأسه . وهذه الصلاة تحتوي على نوع من التعليقات حول الشعائر الدنيوية ، عن كيفية نزول الكاهن إلى ( اليردنة ) الماء الجاري وكأنه ينزل برفقة مساعدين أسطوريين هم ( شلمي وندبي ، هيبل ، شيتل وأنوش ) .

هناك أيضاً صلاة تتضمن تفاصيل للمعتقدات حول ما يقوم به الأثري في داخل سكنهم السماوي ( شخنثا ) بإهداء الأكاليل المعلقة فوق رؤوسهم لشجرة البهاء وتعليقها فوق أغصانها . والصلاة هذه تتلى من قبل الكاهن عند وضع اكاليل الآس على رأسه . لربما يكون ما ورد عن الصلاة المرافقة للـ (( كشطا )) ( تصافح الأيدي الطقسي وإشارة لإعطاء علامة الصدق ) ، وذلك قبل مشاركة رجل الدين في تناول الطعام ( الخبز والماء ) ، دليلا ً واضحاً على الربط بين عناصر المعتقدات والطقوس الدنيوية . (( كشطا تجعلك كاملاً أخي ــ الأثري )) ، إن هذه المشاركة الطقسية تمارس على شاكلة ما يقوم به الأثري في مسكنهم ( شخيانثا ) (( الشذا هو عطرك أخي ــالإثري ، لكونك أنت الملئ بالبهاء ))، من هذا يتكون الإنطباع بأن الحاجز الفاصل بين عالم النور وعالم الأرض قد تلاشى وإنعدم ، حتى إنه لم لم يبقى هناك عالم سماوي وعالم أرضي بل تداخل الإثنان مع بعضهما من خلال تأدية هذه المراسيم.

4- الغمر في الماء قسم من طقوس التعميد :

الموضوع : الماء ، النور والحياة ، االماء في هذه الحالة حلقة الوصل بين عالم النور وعالم الأرض .

آ- الماء ، النور والحياة وحدة مترابطة معاً . مصطلح النور يكون متلازماً مع مصطلح ( اليردنا ) أي الماء الجاري في كتاب الصلوات المندائية ، مثلاً : ( أن تكون شخنثا – المسكن في عالم النور – مرتبطة مع عملية إفتتاح اليردنا ) . وإن ( يردنا العظيم الآتي من الحياة الأولى والتي كلها مليئة بإشعاع المجد المتوهجة في تناه ) ، كما جاء أيضاً في ديوان تعميد هيبل زيوا ( تعليقات حول الصلاة التي تسبق الطقوس المقامة داخل الماء ) ، ( قدوم البهاء والنور وتنوير اليردنا ) . ويشار إلى ( تعميد النور العظيم ) هو إصطلاح يكرر لوصف صورة ملابس البهاء في مصادر أخرى . أما علاقة الماء والحياة ، وعلى أبسط المستويات فهي : الماء يعزز الحياة ، لكونه يدخل في مراسيم صلاة وضع الأكاليل الذي لا يذبل ولا يفقد أوراقه . ةالأكثر أهمية ضهور اليردنا كعنصر خالق للحياة ، وتكوٌن الماء ونشوء الحياة من مالها الخاص وكيفية قيام الحياة بتكوين الأشياء الحية داخل الماء .

ما يورد كتاب الصلوات سرداً عن ياور ، الذي قام الإثري ( شرايين الحياة ) في اليردنه بقوة أدواته المائية . ويشابه ذلك تعميد الروح التي ترتفع غلى الأعلى لتصل غلى موقع النور العظيم والمقام الأبدي . وقد وجدت مقل هذه المفاهيم خارج نصوص مراسيم التعميد ، حيث الماء في قارورة الكاهن كأنه ماء الرجل ، وبينت ذلك الليدي دراور في مثالين عن المعتقدات التي أوردتها حول ، أن ( أنشبي ) قد حملت بـ ( يوحنا المعمدان ) بعد أن شربت من اليردنا .

ب – الماء حلقة الوصل بين عالم النور والأرض .

على المستوى البسيط ، يكون الماء شاهداً أو ممراً للروح في عروجها إلى عالم النور أما على المستوى العميق ، فيكون اليردنا الوكيل للوسائل التي يتم عن طريقها العروج . ويشير كتاب الصلوات إلى معادلة من ثلاثة أقسام تتعلق بالروح التي تحرم الهدم من أجل البناء ، الخطأ من أجل الصواب ، ومكان الخوف من أجل مكان الضياء . بعد تحديد العلاقة الوثيقة بين الماء ، النور والحياة في كل من الطقوس والمعتقدات نجد أن النور والحياة يوصفان بأنهما الطريق أو الدليل لعروج الروح إلى عالم النور ، فمن المحتمل كذلك أن يكون نفس العامل قد اعطي ضمنياً للماء :

... سآخذ بيده وأكون حاميه ودليله إلى مكان الضياء العظيم والمقام الأبدي ...

 نرى من المعقول واففتراض بأن الماء الحي هو الحياة ، والذي إنبعث من المكان الإلهي ، وهو الوسيلة التي عن طريقها تعرج الروح المتعمدة إلى عالم النور ، سواء كانت هذه الرحلة متأنية من خلال التصور الناتج من ممارسة طقوس التعميد أو الموعود بها من خلال رحلة ما بعد الموت . وإذا تعمقنا في المعنى ، فإن اليردنا يكون حلقة وصل بين عالم النور والعالم الأرضي ، لأن اليردنا في الطقوس يصبح أكثر سماوياً . ويكون هذا أكثر وضوحاً وإقناعاً في صلاة الإفتتاح ( بتاها إد يردنا ) وصلاة التأسيس ( قيمانا إد يردنا ) . طقس إفتتاح اليردنا كما يمارس حالياً يتم قبل نزول الكاهن إلى الماء . ويتم التأسيس بعد صعود المتعمد على ضفة النهر بغمر الكاهن لكأسه وقنينته في الماء وخروجه على ضفة النهر حيث يشرع بصلاة التأسيس .

سيجلبرغ يعتقد إنه عند أداء صلاة الإفتتاح يصبح الماء الحي متدفقاً في مجراه بالرغم من عدم إرتباط الصلاة بالماء . . أما رودلف فيفترض أن إفتتاح اليردنا له علاقة بذكريات وتاريخ الديانة ، فهو يصف الكاهن وهو في حوض المندي يعطي أوامره لتصبح القناة سالكة ، لكي يتدفق الماء فيها وكأنه ماء حي

كما إنه يروي أن صلاة الإفتتاح ما هي إلا عمل رمزي يخدم فكرة ، إن الماء الحي يجب أن يكون متدفقاً وليس ساكناً أو مقطوعاً .

تذكر المعتقدات إحتواء اليردنا الأرضي على نسبة من من اليردنا السماوي ، وتشير إلى وجود مجرى خيط رفيع من الماء الحي يتدفق في الماء الأسود . وقد أشارت الليدي دراور إلى ما أوردته هذه المعتقدات المندائية بهذا الصدد : هو أن جزءأً واحداً من تسعة أجزاء من ماء الأرض هو ماء سماوي أو ماء حي ، أما المتبقي ( تاهما ) هو سائل بدون حياة ، ويتضح من طقوس التعميد أن اليردنا السماوي يتشجع ويزداد تدفقاً بأعلى طاقاته في داخل اليردنا الأرضية .

أما ما تبقى من طقوس الطهارة الأقل تعلقاً بالماء فهما ( الرشما والطماشا ) ، فلا يشترط فيهما إجراء صلاة الإفتتاح أو صلاة التأسيس . ولكن هناك بعض التشابه في طريقه التمهيد لمراسيم الطماشا . ..

( أطلق علي قوة اليردنا ، وإجعلها تأتي ( علي )) . ويتبين عدم ضرورة إفتتاح أو تأسيس الماء بعد هذه الصلاة . وهنا يطرح السؤال التالي : لماذا يزداد الإهتمام باليردنا في بعض الطقوس وليس في غيرها ؟

الصلاة التأسيسية لليردنا تدعو اليردنا لأن يكون لطيفاً وليجلب النقاهة لأولئك المتعمدين . ويتضح من هذه الصلاة الطقسية إنه إذا كانت الصلاة التأسيسية اليردنا بإلتزام الهدوء والسكينة ، فإن صلاة الإفتتاح تثير نوعاً من التحفز لحركة اليردنا كما ذكرنا .

يتعين على الدارس أن يأخذ بعين الإعتبار وجود إختلافات في نصوص بعض المصادر مع بعض التناقض في تفاصيل مراسيم التعميد وكذلك في ما تحتويه الصلاة القدسية مثلاً : كنزا ربا تسرد حكاية التعميد الإلهي ليبل زيوا وذلك قبل البدء في رحلته إلى عالم الضلام .عندما رأى اليردنا الألق ، الضياء ةبهاء منداد هيي ، عصا الماء الحي ( عصا الزيتون ) ، بدأ يلهو ويقفز ويجري ويدور حول نفسه كالدوامة ، وكان علي أن أعطي أمري ليهدأ اليردنا كي يستطيع هيبل زيوا أن يتعمد . ويشير هذا القسم من المراسيم إلى أن منداد هيي قد أجرى التعميد وصعد إلى ضفة اليردنا . إن تهدئة اليردنا قد حدثت قبل التعميد ، وليس بعده كما جاء في ديوان مصبتا هيبل زيوا وكتاب الصلوات المندائية ( ترتيلة رقم 20 ) .

وهذا يخالف الترتيلة رقم 21 الذي يرد فيها أن اليردنا قد أصبح نشيطاً مرة أخرى مع أو بعد هذه الصلاة  ( عندما قام آيار ربا وجمع أخوانه الملائكة الستين ( خارج اليردنا ) ودعو ، قمت أنا ، وحينها دار جميع اليردني كالدوامة ، تموجوا ورقصوا ولم يهدأوا في مرقدهم ) .

إن النموذج الأساسي في إسلوب كتاب الصلوات هو : الإفتتاح _ تحريك اليردنا + العميد + التأسيبس _ تهدئة اليردنا . اما في كنزا ربا فهو : ( نشاط اليردنا وتفاعلها يبدأ قبل المباشرة بالمراسيم ) + تهدئة اليردنا + نشاط اليردنا في نهاية المراسيم المقامة في الماء .

وعندما نأخذ الفقرات الثلاث أعلاه بنظر الإعتبار ، يتضح لنا عدم وجود ترابط بين عمل اليردنا وتكريس افتتاح / وغلق التكريس / التأسيس . وبمناقشة ما يدعى ( بقيمتا ) أي صلاة التأسيس ، يوجز رودلف المشاكل في هذا الجزء من المراسيم بقوله : ظهور الفروقات بين التأسيس والتحرير ، فمن الممكن القول :

إن التسيس يتجاوب تجاوباً إيجابياً ، أما التحرير فيكون تجاوبه سلبياً غير فاعل أو منتج ، وهكذا يكون التكريس وإنهاء التكريس ، وإستناداً على ما لدينا من المعطيات المتوفرة ، فإن هذه الإختلافات لا يمكننا إلغائها بسهولة أو توضيحها بالتحديد .

من هذا المعنى الضمني المحدود للصلاة الطقسية ، فإن الإستنتاج الأكثر معقولية هو في حالة الإفتتاح يكون الماء أكثر إمتلاء باليردنا المقدس ن أما في حالة التأسيس فتبدأ حالة التهدئة ورجوع الماء لحالته الطبيعية وهي ثمانية أجزاء من الماء الأرضي وجزء واحد من الماء الحي المقدس .

كما أسلفنا ، فإن إفتتاح اليردنا يعني زيادة في قدرته كمصدر للحياة . وتصبح هذه المرحلة أشد خطورة على من يمارسها ، ولهذا فإن في أعراض الطقوس يجب أن يحد من تعاظم نشاطه وتأثيرالقوة الكامنة فيه وربما يكون ذلك واضحاً عند فهم المعنى الحقيقي للصلاة التوثيقية التي تجري لأجل طرد الأرواح الشريرة والتعاويذ ، وهي الصلاة التي يصاحبها عمل الكاهن لثلاث دوائر على سطح الماء بأدواته.

أما في مرحلة التأسيس والإنتهاء من طقوس التعميد ، فإن القوى الحياتية الكامنة لليردنا ، تقل وتضعف ونتيجة لذلك يقل الخطر على أولئك الذين يكونون في تماس معه .

إن الخطر لا يكمن في الماء فقط بل عند المرشحين للتعميد ، فهم في حالة إنتقال من الحالة الهمشية إلى حالة المشاركة الكاملة في عالم النور ن ويعني ذلك الإنتقال من حالة الضلام إلى حالة النور ، من حالة تحمل الخطايا إلى حالة الحياة ، والذين في حالة الإنتقال هذه يكونون أكثر عرضة لخطر الماء .

تصف العالمة الأنثروبولوجية دوغلاس حالة الإنتقال كما يلي :

((يقع الخطر في حالة الإنتقال لأمر بسيط جداً ، فهذه الحالة أي حالة الإنتقال تقع بين حالتين ، لا تمثلانه لعدم ثباته وتغيره ... وتستطيع الطقوس السيطرة على هذا الخطر وذلك بعزلة فترة من الزمن عن حالته الأولى ورفعه للحالة الجديدة معلنة عن إنتقاله إلى الحالة الجديدة وبهذا لن تكون فترة التحول خطر لوحدها بل إن ما تمر به طقوس الفصل بين الحالتين هي أكثر خطورة في هذه المراسيم .

أنا أرى وضوحاً كاملاً في هذا العمل الذي يتمثل في عزل الأشخاص بعضهم عن الآخر في طقوس التعميد سواء المزية أو الفعلية منها وإدخال كل فرد على حدة للتعميد باليردنا . إن الخطورة في هذا الجزء من الطقوس تأتي من ثلاث مسببات : الروح في حالة الإنتقال ، الماء الأرضي في حالة تحول ، لإنفتاحه  بأعلى طاقته الكامنة نحو اليردنا السماوي ، وإن الروح والماء كليهما يلتقيان في هذه النقطة عندما يكونان في حالة الإنتقال الخطرة . وبالرغم من أننا نتكلم عن الخطر ، فإنه من الضروري أيضاً معرفة حجم الطاقة الكامنة في كل من الروح والماء . ولا بد من الإشارة إلى أنه في هذه المرحلة بالذات تكون حياة عالم النور الوسيط للروح .

 

الخلاصة

يبقى الكثير مما يستحق البحث ، فهناك مثلا ً موضوع الوسطاء الآخرين . إن باكلي في دراستها لموضوع المسخثا تشير إلى أن رجال الدين المندائيين هم الوسطاء والممثلون للشخصيات الروحانية النورانية ، وهم القادرون على عبور الحواجز بين ما بين عالم الرض وعالم النور . ولا يسمح المجال لنا بالإسترسال لإنتقاد مثل هذه النظريات ، بل يتوجب التنبه غلى مراسيم التطهر الصغرى الصغرى بالماء ( الرشاما والطماشا ) ، تجري بشكل فاعل من قبل المندائي العادي بدون الإستعانة بالكاهن ليكون وسيطاً .

هناك أسئلة أخرى ، بعضها حقاً يحتاج إلى مناقشة مع الطائفة المندائية مثلاً : ماذا تعني وساطة الحياة إلى الروح ؟ كيف يشرح المندائيون حالتهم بعد إنتهائهم من مراسيم التعميد ؟ ما هو المعنى للباس النور في ضوء إستمرار حياتهم العملية على الأرض ؟ ما هي أنواع النشاطات في الواقع العملي عندما تتلاقى العناصر المختلفة مع بعضها في المرحلة الهامشية للمتعمد ، مثل الماء ، الروح ، وكذلك الإتحاد التزاوجي السرمدي بين الطقوس الأرضية والسماوية ؟

إن كان حضور عالم النور في مراسيم التعميد الأرضية فهل يعني هذا إن التعميد الأرضي والسماوي هما واحد ؟ فإن كان كذلك ، حينها نتسائل أين يضع المندائي نفسه في حركة التعميد هذه ؟

هناك عدم توافق في آراء الباحثين حول ما إذا كانت الروح لها حصة في عالم النور . رودلف مثل دراور يعتقد بأنها ليست أكثر من حلم إلهي ( سماوي ) وهي نظرة معاكسة لنظرية ريزنشتاين الذي يعتقد بان التعميد هو رحلة إلهية ( سماوية ) .

إن العرض الطويل حول التصورات السماوية والأرضية في طقوس الصلاة ربما يثير الجدل ، فمن الممكن أن يكون بعض من الشئ السماوي يثير البهجة للروح ، حتى لو كان لفترة قصيرة من خلال طقوس التعميد . وبالرغم من أنها أو إنه لا يزال حياً من الناحية الفيزياوية ( الجسمانية ) ويعيش على الأرض ، فإن ذلك ممكناً طبقاً لوجهة النظر المندائية ، وهذا ما يبرر موقف المندائيين تجاه التاريخ والزمن ، حيث إن الأحداث الأساسية لعالم النور ، تكون جميعاً مهمة لهم ، بخلاف الحوادث التأريخية في عالمنا الأرضي ، حيث تكون غير مهمة .

هناك العديد من الأسئلة المتبقية يتوجب الإجابة عليها ، إلا أن نقطتين أصبحتا واضحتين   في غطار هذا التحقيق :

أولاً ، إن طقوس التعميد المندائية مرتبطة إرتباطاً وثيقاً مع المعتقدات المندائية .

ثانياً ، إن عنصر الماء الحي طبقاً لمفاهيم طقوس التعميد والمعتقدات ، هو العنصر الوسيط بين عالم النور والعالم الأرضي ، وهو يعمل كالجسر الرابط بين هذين العالمين .

بسبب إرسال الماء الحي النظر الأولي ، الذي هو نوع من أنواع الحياة وإمتزاجه بالماء الأرضي ، فإن التعميد يخلق الحياة في الروح المندائية ، ومنها يظهر المعنى أن تكون الروح شريكة في عالم النور ، وتكون قد شاركت الذين توفوا وذهبوا إلى تلك الحياة . هناك فوائد أخرى للتعميد المندائي مثل غفران الخطايا ، التطهير ، التبرك ، والشفاء ، ويعود هذا بالنتيجة الحتمية لإرتباط الروح مع عالم النور .

 

ملاحظة :

إن ما نشر أعلاه هو النموذج المختصر ، ويمكن الحصول على الترجمة الكاملة من مركز البحوث المندائية في سدني ، أستراليا .

 

باسم الحي العظيم
 
اشوما اد هيي واشمه اد مندا اد هيي مدخر الي اكا هيي اكا ماري اكامندا ادهيي اكا باثر نهورا بسهدوثا اد هيي وبسهدوثا اد ملكا ربا راما اد نهورا الاها اد من نافشي افرش اد لاباطل ولا مبطل اشمخ يا هيي وماري ومندا ادهيي
والحي المزكي
اعجبني
 
حقوق الطبع والنشر
 
تنشر الجمعية الثقافية المندائية في هولندا لاهاي المعلومات الخاصة بها على شبكة الانترنت .
وإذا راودتك الرغبة فى اقتباس المعلومات ، أو استنساخها ، أو إعادة نشرها أو ترجمة أي أجزاء منها بغرض ترويجها على نطاق أوسع ، يرجى تبليغ الجمعية الثقافية المندائية او الاتصال بمدير الموقع وذلك بالضغط على زر مراسلتنا على الجهة اليسرى .
وتحتفظ الجمعية الثقافية المندائية بكافة حقوق الطبع والنشر الخاصة بالمواد المعروضة على صفحاتها على شبكة الإنترنت ، بما فى ذلك الصور والتصميمات والرسوم البيانية.
ويحظر استعمال مواد الموقع للاغراض التجارية او نسخها على سيديات او انتهاك شرعية الموقع .
ويعتبر استعمال اسم الجمعية وشعارها بدون الحصول على إذن بذلك مخالفاً للقانون الدولي بحقوق النشر وممنوعاً منعاً باتاً.
نحن من هذا الموقع نحاول ايصال الافكار والمقالات والتعريف بالدين الصابئي المندائي ونحن بهذا الموقع لانتخاصم مع اي جهة دينية او سياسية اخرى . لذا يحق لجميع الصابئة المندائيين بالحصول مجانا على ما في هذا الموقع بشرط مراسلتنا لنزودهم بالمسموح . ويمكن لجميع المندائيين ان يزودوننا بمقالاتهم ومواضيعهم واخبارهم المهمة و الرئيسية ( بالعربي او بالهولندي او بالانكليزي) وذلك لنشرها مجاناً على موقعنا .
© جميع الحقوق محفوظة للجمعية المندائية في هولندا دنهاخ 2010 Copyright © 2010, All rights reserved to the Mandaean Association in the Netherlands / Hague ,Inc
 
Today, there have been 244243 visitors (453189 hits) Total This Week.
تصميم الموقع حــسام هــشام ألعيــداني© جميع الحقوق محفوظة للجمعية الثقافية المندائية في لاهاي هولندا
Copyright © 2010, All rights reserved to the Mandaean Association in Netherlands / Hague ,Inc Developed and Web designer By Hossam Hisham al Edani

This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free