اكا هيي اكا ماري اكا مندا اد هيي
معاني بعض رموز المصبتا (التعميد المندائي)الخاصة بالمصطبغ او المتعمد
الترميذا يهانا النشمي
ان التعميد المندائي محمل بالرموز والمعاني الروحية العظيمة، التي تعطي الفرد المندائي مندائيته الشرعية وتحدد طريقة قبوله وعلاقته بالرب (اولئك هم الثابتة عقولهم على الحي وافكارهم مكرسة لمعرفة الحي): الما ريشايا ربا.
ان الرمزية المندائية الطقسية على درجة عالية من العمق الروحي التي تمتاز بكثرتها. وهذه سهل اكتشافها من قبل المتتبع الدارس للديانة المندائية. وعلى الرغم من كثرة الرموز والمعاني والصور في (مصبتا) المندائية، فهي تعتبر حالة متكاملة ذات اهمية بالغة لروحية الفرد المندائي.
فلا ننسى ان التعاليم الاخلاقية المندائية وطرق العبادة حصل عليها "ادم" الرجل والانسان الاول (مبارك اسمه) من "هيي ربي" الحي العظيم (مسبح اسمه) عن طريق رسل النور (ملكي)، فالملاك (هيبل زيوا) هو الذي جلب المصبتا (التعميد المندائي) من عوالم النور، وقام بتعميد ادم (اول نبي صابئي مندائي)، كما ان الملاك نفسه قد تقبل المعمودية (المصبتا) على يد الملائكة وذلك على اثر نزوله الى عوالم الظلام.
كما ان الرموز التي سنتناولها في مقالتنا هذه، انما هي بعض الرموز الخاصة بالمتعمد نفسه (المصطبغ). وكتعميد مندائي متكامل، ومثلما هو معروف ان لرجل الدين (باي رتبة كان) دورا كبيرا ومهما في عملية تعميد الناس، وبالتالي يثير هذا الدور عددا غير قليل من الرموز منها الخاصة برجل الدين وسير مراسيم التعميد، سواء اثناء التعميد او حتى قبل مجيء المتعمد الى اولى مراسيمه بوقت ليس بقليل، ليهيىء رجل الدين الابتداء بهذا الطقس المندائي الكبير والمهم.
فلذلك صعب الالمام وتفسير كل رمز خاصة (المصبتا) التي نحن بصددها، والتي تعتبر عماد الديانة المندائية وركنها وشعارها الاساسي، وخاصة نحن نتحدث اليكم عن طريق مقالة بسيطة لها غرض وهدف معين. وهو ايصال فكرة بسيطة للقارىء المندائي عن معاني بعض رموز تعميده، فلا معنى للقيام بعلامات ورموز، ان لم ترافقها شروح وتفاسير تكشف عن عمق السر الروحي الذي نقوم به فرحين وعن ايمان عظيم. ليكون تعميد (صباغة) الانسان المندائي ذا نفع وفائدة روحية عظيمة له (لقد عمني معمداني بالحق): الما ريشايا ربا. وليتقبله بايمان اكبر، ليعيش مراحل صباغته بصورة اعمق من السابق.
(1) رمز ارتداء الملابس الدينية البيضاء (الرستة ):
ان اول مرحلة من مراحل التعميد المندائي (المصبتا) هو تهيئة الانسان روحيا وماديا ، ليتقبل دخول مراحل تكوينه الجديد، واولى تهيئته الروحية هي توبته الصادقة واحتياجه الى ان يولد من جديد (ربنا ! نحن اخطأنا ، ونقسم باننا مذنبون، واغفر لنا مما اقترفناه من ذنب): كنزا ربا.
فعلى الانسان طالب التعميد المندائي ان يعلن قبل ان ينال اسرار المصبتا الحية، امتناعه عن كل الخطايا والسلوك الغير مستقيم (التوبة الصادقة النهائية)، وان يتملكه الشعور بالندم، والا فان تعميده (صباغته) لا يساوي شيئا.
فعملية خلع ثياب المتعمد الدنيوية، يرمز الى خلع الانسان القديم ماديا وثورة ذلك الانسان على نفسه، بتغييرها نحو الايمان والطريق الصحيح (طوبى لمن لا يضطجع ولا يغفو ولا يحب النوم الثقيل): دراشا اد يهيا. وان تغيير الملبس يعني الانتقال من حالة دنيوية الى حالة دينية روحانية مقدسة. وهو بمثابة الكفن (هاود ماني)، لانه على استعداد لان يميت ماضيه وحياته السابقة، ويدخل في تكوين ولادته الجديدة كانسان مندائي.
ولبس الثياب البيضاء المعروفة (الرسته) ترمز الى الانسان الجديد والنقاء والطهارة والنور مجتمعة بالحياة الجديدة (هم يرتدون اردية الضياء ويكتسون باكسية النور): كنزا ربا. والتي تنتظره بعد الاداء الفعلي لكل رمز في التعميد المندائي، وولادته ولادة روحانية جديدة.
وان الثياب البيضاء المكونة اصلا من خمس قطع، ترمز الى حواسه الخمس المادية واشتراكها معه في الحياة الجديدة. واكسابها طابع الايمان بالله وعمادها (اصطباغها) به. فالملابس البيضاء (الرسته) هي علامة الكائنات النورانية السماوية والمتجلية المشتركة في تمجيد وتسبيح الحي العظيم . فبالاضافة الى ذلك، ان اللون الابيض يوحي بالبراءة والفرح والسعادة والنقاء، وانه لون النور والصفاء والنقاء والحياة، وهي من صفات الخالق جل شانه. فالثياب وبريقها ومدلولها النوراني في الفكر المندائي هي التي تعبر عن جوهر الكائن وصفاته. فاذا اراد وصف الانسان بالقدسية والنزاهة والسمو، وصف ملابسه بالبياض والبراقة والمشعة نورا وجمالا. اما اذا اردنا العكس، فتوصف ملابسة بالمعتمة والرجسة.
(2) رمز مسك سارية العلم الديني (الدرفش) :
ان الدرفش هو راية النور والحق والسلام والحياة على الارض، بل انها راية الله التي وهبها للمندائيين لتكون شاهدهم على حياتهم (من ينسى العائلة الحية والحياة الابدية ويشتاق للحياة الزائلة): دراشا اد يهيا. وان الدرفش هو الراية الروحية المعنوية للمندائيين، الذين يحترموه ويوقروه كثيرا. فهو رمز السلام والمحبة والنقاء، والذي وهبهم اياه رب العظمة السماوي.
وهذا الرمز يشير الى الاخلاص والتمجيد للعلم الديني (الراية البيضاء) والذي يمثل الاب في ملكوته الحي، وبالتالي اخذ بركته العظيمة للمتعمد. ودعاء من قبل المتعمد الى الخالق بان يجعل تعميده يرتفع امامه الى العلا (انت احرسنا وقومنا وارفع تعميدنا الى العلا) نياني اد رهمي.
وان العلم الديني (الدرفش) وصلاته تعتبر شهودا على ثورته الجذرية على نفسه وتقبله احكام ربه بايمان اكبر (انت العليم ذو الجلال كنز لا يفنى): دراشا اد يهيا.
(3) رمز الصلاة قبل الدخول الى الماء الجاري (يردنا):
ان الماء الجاري الحي (يردنا) من صفات الخالق جل شانه (ان الحي كان في ارض النور، ومن الحي كان الماء ومن الماء كان البهاء والنور): كنزا ربا.
وايضا ل(يردنا) القابلية على التكوين باسم الحي العظيم، فالماء الجاري من التكوينات الاولى في عملية الخلق، ومنه انبثق كل شيء حي.
فهور يرمز الى الرحم المقدس (الحياة) الطبيعي التي ستجري به عملية تكوين الانسان الجديد وولادته الولادة الجديدة في حياته الروحية (مباركة انت المياه الجارية، مياه الحياة لاننا منك حصلنا على النقاء):نياني اد مصبتا. ومن هذا المنطلق وجب على المتعمد تقديس (يردنا) وان يطلب من قوى النور والحياة للهبوط في رحم ولادته المقدسة (اليردنا).
(4) رمز الدخول من الجهة اليسرى والدوران حول رجل الدين والاستقرار في الجهة اليمنى:
ان اليمين رمز النور والخير والطهارة ورمز للعلة، واليسار رمز الظلام والشر ورمز للمعلول. (كم امتلا العالم سوءا وزين بنبات شائك وشوك): دراشا اد يهيا.
فلذلك يرمز الى الانتقالة (لقد نقلتموني من اليسار الى اليمين): نياني اد رهمي. والتحول من العالم المادي، عالم الظلام والعصيان (نحن الواقفون بين الشر ونسكن بين الاثمين): نياني اد مصبتا، أي جهة اليسار. الى عالم النور، عالم الخير والصلاح، جهة اليمين.
(5) رمز الغطس تحت الماء الجاري الحي (الطماشا):
ان الانسان الذي يريد حياة جديدة، عليه ان يميت حياته القديمة. فلذلك ومن البعد الروحي والرمزي للديانة المندائية، ان عملية الغطس وقطع النفس، يعني الموت والاندحار، واندثار الانسان القديم أي موت الخطيئة في داخله. وانغراز الانسان في رحم الحياة (انتم انشئتم وثبتم في الموطن الذي ثبت فيه الطيبون): كنزا ربا.
وان عملية الخروج من على سطح الماء الجاري، ترمز الى الحياة والظهور والانبثاق والانتصار للحياة الجديدة التي تنتظر هذا الانسان (اظهرت نفسي للعوالم باشعاعي الوفير، الذي وهبني اياه خالقي): كنزا ربا.
وبالتالي الخروج من رسم الحياة المقدس، مولود ولادة جديدة، ليتقبل الحياة كما يتقبلها الطفل البريء (لتتكاثر ذرية الح، وبهم تستيقظ الحياة الدنيا): كنزا ربا.
(6) رمز مد يد الترميذا الى المتعمد:
ان عملية مد يد الترميذا الى المتعمد، تعني انتشال الغريق الذي لا حول ولا قوة له (سيعطيهم الحي العظيم يد المساعدة):نياني اد مصبتا. دلالة ان الانسان يبقى ذلك الكائن الضعيف لولا ايمانه بالرب وبركته اليت سوف يكسبها اثناء مراحل المصبتا اللاحقة، والتي تعطيه القوة والثبات في الحياة الجديدة في ظل ولادته الجديدة (سوف اخذه بيده واكون منقذه ودليله الى مكان النور): نياني اد مصبتا.
وترمز الى استقبال هذا المولود الجديد في الحياة الايمانية المندائية، مرة ثانية في هذا العالم برحمة الحي العظيم (مسبح اسمه). (انهم بشكران تقبلوا عطايا الحي العظيم الطيبة): نياني اد مصبتا.
(7) رمز جلوس المتعمد بين ساقي الترميذا وصولجانه :
ان الترميذا هو المنقذ والاب او الوسيط الذي يحاول بدوره ان يوصل استغفار وتوبة المتعمد الى خالقه جل شانه. فهو يمثل الاب الذي يرعى ابناءه. فمثلما يستقبل الاب ابنه عند ولادته المادية في هذا العالم، بين ذراعيه ليعطيه الحنان والمحبة وليشعر بزهو الحياة. هكذا نمثل جلوس المتعمد بين ساقي الترميذا وصولجانه ، ليعطيه الرحمة والمحبة والقبول في الحياة مرة اخرى (انشدت اليه ترانيم بصوت عذب، وايقظت قلبه من نومه وعلمته حكمة الحياة): كنزا ربا. وليكرسه انسان جديد وباسم الحي العظيم (وضعني بين ركبتيه ونطق علي اسم الحي العظيم): نياني اد مصبتا.
(8) رمز رشم جبهة المتعمد من قبل الترميذا:
هنا الدلالة الاولى او العلامة الابتدائية، لتكريسه كانسان جديد وبالماء الجاري الذي يحمل صفة النور المتجسد (ان رسمي بالماء الجاري العظيم ماء الحياة الذي لا يدرك الانسان قوته): نياني اد رهمي. ماء الرحم المقدس (سائل الحياة) الذي ولد فيه، لاعطائه ثقة في تقبل حياته الجديدة من قبل الرب والناس وتهيئته لرشمه بزيت السمسم الطاهر.
(9) رمز شرب المتعمد، الماء من كف الترميذا:
دلالة حنان ورحمة ومحبة الله له باعطائه جرعات من الماء الجاري الماء الحي، لتهب نفسه القوة والثبات ومواصلة ادائه لمراسيم المصبتا. وتقبله بقية الاسرار. فهكذا الله ينتشلنا من الغرق في شهوانيتنا للمادة ويهب لنا جرعة من الحياة تسري في عروقنا (سكبت فينا وملاتنا من حكمتك ومن عقيدتك ومن طيبتك): نياني اد مصبتا. ترد لانفسنا الصحة والعافية (يا ايها الشافي الذي دواؤه المياه الجارية): نياني اد مصبتا. لتبعد عنا هول الغرق واموت والعذاب في ملذات الحياة الفانية.
(10) رمز تصعيد الاكليل الى عمامة المتعمد:
ترمز الى تتويجه بالنور (ما اكثر اشراق نورك وما اشد اضاءة تاجك الذي يكلل راسك): دراشا اد يهيا. فالاكليلة في رمزية الديانة المندائية تمثل النور، وهو بذلك يكون رسول النور والمعرفة والطهارة على الارض، ولينصب مندائيا ملكا باخلاقه الفاضلة وبمحبته وصلاته للخالق الحي العظيم (مشبا اشمي).
وترمز ايضا للحياة الجديدة والازدهار الذي ينتظره في حياته وانتشار رائحة الحياة الزكية منه باخلاقه الفاضلة وافكاره المستمدة من احكام ربه (ليتوهج ويشع الاكليل وتتوهج وتشع اغصان الاكليل): نياني اد مصبتا.
اذن فالاكليلة رمز للنور، وهي رمز الشفاء والصحة من الخطيئة والنصر للفضيلة والحياة. وهذا يؤكد لنا بان المراسيم المندائية، تتضمن الحيوية والصحة للجسم والنفس معا. فالاكليلة والمادة المكونة لها (الاس) ترمز الى انبعاث الحياة الجديدة والتثبيت فيها، والى الخصب والازدهار والانتعاش بمعرفة وتوحيد الخالق.
(11) رمز ترسيم وتتويج الراس دون سائر الاعضاء:
الراس هو الجزء الاعظم والاشرف في الانسان، يحتوي على جميع الحواس الباطنة والظاهرة، ويحتوي على العقل (مانا) هبة الله المقدسة. فاذا رشم الراس بالزيت المقدس او توج، بذلك ارتسم وتوج العضو الرئيسي في الانسان وبالتالي الانسان كله.
(12) رمز اخذ العهد (كشطا) من المتعمد بالماء:
هذا عهد الحق الاول الذي يقطعه الانسان على نفسه امام الرب (كل الملائكة النورانية يمسكون يده اليمنى بالعهد): الما ريشايا ربا. واثناء ولادته الجديدة بانه في كامل ارادته عند مجيئه الى التعميد، ورغبة منه في اخذ اسرار التعميد وتقبل بركة الرب عليه (اسرعت لاتعمد بعماد الرب العظيم على ضفاف الماء الجاري العظيم): كنزا ربا.
(13) رمز تقبيل الايدي:
دلالة الشكر والامتنان للرب ولخلقه ونعمه وعلى راسها رحمته علينا ومحبته العظيمة لنا (الطيبات هيأناها لادم ورفعناه وجعلناه في منزلة رفيعة): كنزا ربا. ولقداسة العهد واحترامه من قبل الترميذا والمتعمد.
(14) رمز خروج المتعمد من اليردنا والصعود الى على اليابسة مع الترميذا:
وترمز الى اكتمال ولادته التكوينية في رحم الحياة المقدس (اليردنا) وخروجه الى ارض الواقع (الحياة المادية) لاكمال تقبله اسرار تثبيته الجديد في التعميد (ما اجمل تلك الغرسات التي زرعت عند الماء الجاري ونمت وانتجت ثمرا نقيا): نياني اد مصبتا.
(15) رمز دوران المتعمد حول الطريانة (المبخرة):
ترمز الى سلامه وتحيته الى كل خلق الله من ملائكة وعوالم وكائنات نورانية، وتقبل اعلان ولادته وتوبته امام الخليقة باسرها (طوبى للذي يسمع حديثه ويسير في الطريق الذي يسمع بع حديث الحي العظيم): دراشا اد يهيا.
ورائحة البخور الصاعدة في دوائر من الدخان، نعبر عن وجود الصلاة والتسبيح والحمد للرب.
(16) رمز رشم جبهة المتعمد بزيت السمسم المقدس من قبل الترميذا:
دلالة ختم هذا الانسان (المولود الجديد) بختم الله واسمه ورسمه الطاهر الذي لا يمحى ابدا (هذا هو زيت الضياء والنور الذي باركه الحي): نياني اد مصبتا. وشفائه من كل اخطائه. وان اسم الرب المثبت على جبينه يعطيه الصحة والعافية والخلاص من جميع امراض الخطيئة وتوابعها كافة (ان الذين مسحوا بهذا الزيت سوف تزال عنهم كل الالام والامراض والخطايا): نياني اد مصبتا. وان جميع الارواح الشريرة والخطايا التي تسكن الجسد ستغادره حال وضع اسم الرب العظيم على الانسان (ان كل انسان يمسح بهذا الزيت سوف يحيا وسيكون معافى قويا): نياني اد مصبتا.
ويرمز الى نقاء الفكر والدماغ من افكار السوء وتقبل افكار النور واعطاء العقل حرية الحركة الفكرية بعدما كان اسير الخطيئة.
فالرشم بالزيت (الختم) رمز لملوكية الانسان الجديد. فالختم هو علامة ابناء النور وعلامة الحياة التي تميز المندائيين عن غيرهم.
(17) رمز طماشة يد المتعمد اليمنى وعدم الكلام:
دلالة قداسة الطعام والشراب الروحيين الذين سوف يتناولهما، واحترامه وتقديسه لهما. وليستقبل غذاءه الروحي بكل هدوء لينصت الى صوت الرب في داخله (الحي العظيم يسكن هؤلاء الذين يحبونه في مكان الضياء العظيم والدار الخالدة): نياني اد مصبتا.
(18) رمز تناول الطعام المقدس (بهثا) والماء المقدس (ممبوها):
مثلما الانسان يحتاج الى طعام وشراب ليعيش على هذه الارض، ايضا يحتاج الانسان الى الذي يولد ولادة جديدة روحانية بحياة جديدة، الى غذاء وشراب روحاني ليدعم ولادته ولتعطيه البركة والصحة (كل انسان ياكل البهثا ويشرب الممبوها سيعيش ويكون معافى وقائم): الما ريشايا ربا.
فلذلك يشترك المتعمد باخذ حصته ورزقه من هذه الحياة المندائية الجديدة وكامل حقوقه كفرد مندائي. وبالتالي تحل نعم الله وبركاته في جسده لتهبه الصحة والقدرة على المواصلة والنمو في الحياة الجديدة (الكرمة التي شربت من ماء الحياة واخرجت اثمارا طيبة وتفرعت اصولها وتشابكت اغصانها): دراشا اد يهيا.
ان (البهثا والممبوها) تتقدس عندما يقوم الترميذا بتلاوة ثماني (بوث) تخص البهثا وهي ترمز الى وجود الجنين في رحم امه، وبوثتين تخص الممبوها الاولى منها ترمز الى اكتمال الجنين والثانية ترمز الى ولادة الجنين. والبهثا والممبوها تندرج مع شهود طالب التعميد المندائي في يوم الخلاص.
(19) رمز وضع يد الترميذا على راس المتعمد:
لينال بركة الله من خلال الترميذا، ولطرد الشر والخطيئة منه معلنا الترميذا بان هذا الانسان اصبح من اتباع الحي العظيم والملكي النورانيين ولا يمسه الشر والخطيئة.
يطلب الترميذا من الحي العظيم ان يمنح المتعمد قوة جديدة من لدنه (نحن نتضرع اليك يا ربنا ان تضع علينا من قوتك): نياني اد مصبتا. قوة الخير المنتصرة على الشر، قوة النور المنتصرة على الضلام (ان اسم الرب ينطق على الانسان الميت فيحيه وعلى المريض فيشفيه وعلى الاعمى فيبصره وعلى الاحمق فتسكب فيه الحكمة والعقيدة): نياني اد مصبتا.
ان الحياة معركة حامية بين الخير والشر بين النور والظلمة بين الحياة والموت. فلذلك وجب اعطاء المتعمد الذي اعلن نفسه مع جانب الخير والنور والحياة قوة كبيرة لدخول المعركة ولاثبات ارادته الصلبة في سبيل الله ونفسه وخلاصها. اعطاءه قوة وارادة صلبة ليحافظ على نقاوة قلبه وعقله من التدنيس.
(20) رمز مد يد المتعمد اليمنى الى اليردنا:
وذلك لاداء الشهادة والقسم الخاص بالتعميد، وهنا سوف يشهد بالماء الجاري (اليردنا) ماء الحي الذي ولد فيه (الرحم المقدس) بان لا يغير كلمته التي اعلنها امام الله والخليقة، وان لا يبدل رسمه الطاهر الذي ارتسم به (نحن حصلنا على النقاء من الرب ونلنا الوسم الطاهر): نياني اد مصبتا. وان لا يحنث بالعهد الذي قطعه على نفسه.
(21) رمز قيام المتعمد وجلوسه مع الترميذا:
ترمز الى الترحم لنفسه ولعائلته المندائية ولابائه واجداده ولعلمائه ولانبيائه منذ بداية الحياة على الارض الى يوم الخلاص. وليكون بذلك على اتصال مع اسلافه الطيبين والمؤمنين الذين تقبلوا اسرار المصبتا ( كل انفس ابائنا الطيبين مؤشرة باشارة الحي العظيم): الما ريشايا زوطا.
(22) رمز وقوف المتعمد وترديد الدعاء بعد الترميذا:
وهنا واقفا وليس لديه شيء سوى توسله للخالق العظيم (يقفون هناك يمجدون ويسبحون باسمك انت يا ملك النور العظيم): كنزا ربا – يمينا. بان يقبل توبته وان يمن عليه بالمعرفة الحقيقية التي تدعم ولادته وحياته الجديدتين ويطلب من الحي العظيم بان يكون حصته الابدية (قف يا ادم وسبح وانحن للحي العظيم الجبار): كنزا ربا – يمينا. وان يتحرر من جميع القيود المادية والمعنوية. وهو اعتراف صريح وصادق بينه وبين خالقه على كل اخطائه وثورته عليها وتوبته منها. معلنا تسلمه اسرار المصبتا كاملة ووصول عملية غفران خطاياه وتكوينه الجديد الى نهايتها (ان الذين نزلوا الى اليردنا وتعمدوا بها وارتسموا برسم الحي لن يدانوا): دراشا اد يهيا.
(23) رمز شكر المتعمد للترميذا:
دلالة رمزية الشكر للخالق على كل نعمه وفضائله التي اغدقها على المتعمد من لدنه اثناء التعميد (تكلمت معهم وباركتهم ببركات الطيبين التي ستبقى فيهم): كنزا ربا – يمينا. والذي كان الاداة الفعالة بها وهو الترميذا الذي يعتبر رسول التوبة والمحبة.
(24) رمز رمي الاكليل في اليردنا:
ترمز الى نهاية مراسيم تقبل اسرار التعميد العظيمة، والى اكتمال ولادته الجديدة التي سيستقبل بها العالم والحياة الجديدة (قلبي العليل شفي ووجدت نفسي الغريبة الراحة): كنزا ربا – يمينا. وبدا معركته مع الحياة لاثبات نفسه كانسان مندائي ممتلىء بايمان ثابت ومطرد بالرب الحي العظيم، وللمحافظة على ولادته نقية طاهرة (سنسير في دروب الناس الصادقين المؤمنين): نياني اد مصبتا. ولان الاكليل (تاج ولادته) مقدس وطاهر، فلذلك وجب رميه في الماء الجاري (يردنا) المقدس.
(25) رمز العدد ثلاثة في تكرار الرمز:
ان رمز العدد ثلاثة في تكرار الرمز في اغلبية الطقوس والمراسيم الدينية، لها اهمية خاصة في اللاهوت والفكر المندائي، فماذا نقصد في تكرار الرمز ثلاث مرات: فمثلا في (الرشاما) رشم الجبهة ثلاث مرات، وغسل الوجه والاذنين والانف والركبتين والساقين ثلاث مرات ايضا، وفي (المصبتا) الغطس ثلاث مرات (الطماشا) فالعدد ثلاثة لتكرار كل رمز موجود في اكثرية المراسيم الدينية المندائية.
ان العدد ثلاثة يرمز الى مكونات الانسان الثلاثة حسب اللاهوت المندائي وهي:
1. بغرا = الجسد (يمثل الجزء المادي، أي وعاء النفس والروح، والهيكلية التي تعيش فيها في هذا العالم، والذي خلقه الله على صورة الملائكة، ومن الطين، وهو فاني وغير ذا اهمية وقدسية في المنظور المندائي، حال وفاته خاصة، ويسري في داخله الدم، والذي يعتبر مادة غير مقدسة).
2. روها = الروح (تمثل المدركات والغرائز والطاقة في الانسان والكائنات الاخرى، وتمثل ايضا المادة والشهوة).
3. نشمثا = مانا = النفس = العقل (وهي نفحة الخالق الطاهرة والضمير النقي في الانسان، وهي موجودة في الانسان فقط دون سائر المخلوقات، ولقد جلبت من ملكوت الحي = بيت الله (بيت هيي) بامر من الخالق العظيم (مسبح اسمه) بعد ان فشل الملائكة في احياء جسد ادم، ولقد جلبت بصحبة الملاك هيبل زيوا مع ثلاثة من الاثري، والنفس لابد ان ترجع الى ملكوت الله، بعد اتمام دورتها الحياتية الطبيعية، وعروجها الى اماكن الحساب (مطراثي) لتنقيتها من الشوائب والاعمال الباطلة التي لحقت بها اثناء وجودها الغريب في عالمنا الارضي هذا).
فالمكونات الاساسية لهذا الكائن الذي هو وحدة لا تقبل الفصل في هذه الحياة، بين الجسد والنفس (العقل) والروح، وان اعماله الدينية، مهما كانت روحية تبقى متجسدة بدرجة معينة. فالانسان يجب ان يشرك اجزاءه كاملة في عبادته للخالق العظيم، وان يرسم مكوناته الاساسية برسم الحي العظيم (هيي ربي) مشبا اشمي. وبالتالي يكون وحدة واحدة في عبادته.
الهوامش
__________________________________________
معروف في تاريخ الاديان والمجتمعات والاقوام، بان الملبس عنصر مهم من عناصر الهوية الاجتماعية لشعب او قوم معين. فلذلك لا يشذ المندائيون عن هذه القاعدة، بان لديهم لباسا خاصا، كان انعكاسا لرؤى وفكر ديني امنوا به.
فالرستة ماهي إلا الملابس الدينية الطقسية، تخاط بطريقة معينة وتتكون من خمس قطع هي (اكسويا- القميص، شروالا-البنطلون، هميانا-الحزام، بروزينقا-العمامة، كنزالا - الطبرشيل) ومن اللون الأبيض وجوبا.
ان رمزية الملبس (الملابس الدينية الرسته) تتجه اتجاهين اثنين: فهو يعني من جهة عالما نورانيا نظمه الخالق، ومن حهة اخرى التقرب او التشبه بالكمال النوراني. والملبس من ناحية اخرى هو علامة الشخص الانسانس يدل على ذاتيته وتميزه عن غيره.
الدرفش (العلم النوراني) اعطاه هيبل زيوا (الملكا) الى ادم كسيا (مثيل ادم الارضي) وهو بدوره اعطاه للسلالة الحية. ويسمى بالعلم المضيء. والعلم (الراية البيضاء) يرمز الى عوالم النور ويستخدم العلم طقسيا، ويعتبر ايضا كرمز قديم لشجرة الحياة ورمزا للضياء والنور السماوي، كما يرمز الى الشراع والصاري لسفن النور. انظر النشوء والخلق (هامش) ص 160.
وتسمى مندائيا (مركنا) وهي عصا من الزيتون يمسكها رجل ادين اثناء اجراء المراسيم الدينية (وهي من الهدايا التي يتسلمها رجل الدين عند تكريسه).
الترميذا وهو اول درجات السلم الكهنوتي المندائي (ترميذا، كنزبرا، ريشما، ربي) واحيانا تعبر عن رجل الدين عامة بغض النظر عن درجته الدينية.
الاكليل ويسمى مندائيا (اكليلا) وفي المصبتا يعمل الاكليل من غصنين من الاس يلفان بطريقة معينة لتشكل خاتما يلبس في خنصر اليد اليمنى (شجرة الاس دائمة الاخضرار عطرة الورق وطيبة الزهر، كانت تستعمل كعطر، ولها حب يؤكل).
يرمز الاس الى جمال الخضرة الدائمة المصحوبة بالعطر الطيب، وهو بالتالي رمز لانتصار الحياة واستمرارها. على راي الترميذا رافد الريشما عبد الله .
كشطا = العهد، الحق، الميثاق، القسط، وتعني ايضا اتحاد المؤمنين، وتتجسد كشطا بمفهومها في الطقوس الدينية المندائية، لتعبر عن اداء القسم والولاء وصدق العهد، ولايتم ذلك الا بالمصافحة باليد اليمنى. وتجسد كشطا في بعض النصوص على انها الله (لانها صفة الحق من صفات الخالق العظيمة والعليا). للمزيد راجع بخصوص كشطا Drawer E. S. Macuch, R. A Mandaic Dictionary, P. 209-211. (Kusta).
وتسمى مندائيا (ريها طابا) او (ريها بسيما)، وعموما الرائحة الطيبة لها معنى مزدوج ففي الحياة الاجتماعية تدل على الفرح والبهجة والسعادة وتعبر عن الالفة البشرية، اما في الاديان فترمز الى التسبيح والحمد والشكر.
طماشة اليد تعني تطهير (غسل) اليد بالماء الجاري (يردنا) مع ذكر اسم الرب (هيي ربي) مسبح اسمه.
(بوثا) وجمعها (بواثا) اس سورة او اصحاح، وتعني دعاء وصلاة ايضا.
الوقوف يكون باتجاه الشمال (الشمال هو مصدر النور والمعرفة والشفاء، ومكان وجود عوالم الانوار العليا التي يسكنها الله) ففي الشمال يكون ملكوت الحي (بيت هيي).
|