الحلية البيضاء ( الرستة )
الكنزورا صلاح الجحيلي
غن من اهم السمات المميزة للدين المندائي هي بلا شك بدلة الكاهن البيضاء الناصعة . ولا يخفى على أحد إن لهذا اللون علاقة وثيقة بالنظافة . نحن لا نعرف بالتأكيد كيف توصل الدين المندائي دون غيره من الأديان إلى هذا الإكتشاف الفذ ولكن الشئ الذي نعرفه حقاً هو إنه قد سبق الطب القديم والحديث بقرون عديدة في هذا المضمار .
يا أيها المؤمنون ! إلبسوا الثياب البيضاء وغطوا رؤوسكم بالبياض لياحاكي مظهركم البهاء والنور . ضعوا على رؤوسكم وشائح بيضاء تشبه أكاليل مخلوقات السماء . تحزموا بحزام أبيض كاحزمة الماء الحي التي تتحزم به الإثري ...( كتاب كنزا ربا العظيم / الجزء الأول من القسم الأيمن صفحة 22 ) . وفقاً لهذه البوثة أن من يؤمن بهذا الدين وأصبح فرداً من أتباعه وجب عليه أن يرتدي البياض ، ويعتمر به أيضاً ، أي أن يكون ظاهره نظيفاً . من هذا القول نستدل كذلك على أن مفهوم النظافة ليس مفهوماً حديثاً ، أي أنه لم يأتِ كمودة عصرية أو إقتضته حاجة آنية ، إنما كان معروفاً تمام المعرفة عند الأقدمين . ولكن من البديهي أن لا يقتصر مغزى النظافة على المظهر الخارجي فقط دون أن يشمل أيضاً طهارة النفس الداخلية ونزاهتها من الشوائب والعيوب .
ولئن أصبحت النظافة واجباً مقدساً من واجبات الدين وشرطاً أساسياً فقد إتخذ رجال الدين وأتباعهم اللباس الأبيض أو ما يسمى باللغة المندائية بالرسته رمزاً وشعاراً لهم ك أخذوا يتحلون بها رسمياً وجعلوا يرتدونها في المناسبات الخاصة والعامة وراحوا لا يستغنون عنها في مراسيم التعميد أو إثناء طقوس الزواج .
والرسته تلبس مباشرة على البدن العاري وهي تتكون من (1) قميص واسع بدون ياقة أو أزرار (2) سروال فضفاض يشد على البطن بواسطة رباط طويل (3) عمامة ذات قياسات معلومة محددة لكي تربط حول الرأس ولا تسقط منه (4) هميانة ( حزام ) محيوك من صوف أبيض تنتهي أحد أطرافه بخيوط وعددها ستون (5) شريط عريض يوضع حول الرقبة ويتدلى على الجهتين اليمنى واليسرى . إن جميع قطع الرسته يجب أن تكون من القطن الطبيعي وناصعة البياض ولا يجوز أن تكون من لون آخر بأي حال من الأحوال .
بهذا يمون الدين المندائي قد أعطى للنظافة لونها الخليق بها : الأبيض ، والتزم بالبياض في كل طقوسه ومراسيمه لأنه لون النور أيضاً ، ولون الماء الحي كذلك . ولما كان للون الأبيض خاصيته الفريدة وحساسيته الشديدة ضد كل أنواع الوسخ والتلويث ، فقد قيل عنه في الأمثلة الكثير وأهمها : كلما كان الثوب ناصع البياض ، كلما ظهرت اللطخة فيه . كما أخذ علم الطب هذا اللون للسبب ذاته وجعله صفة دائمية له ، فنحن نجد أن ثياب الأطباء ومن إنخرط في سلك دوائر الصحة ن بيضاء . كما أن المباني للمستشفيات والمستوصفات ذات طلاء أبيض .
ومن جهة نظر علم الفيزياء ، نعرف بأن اللون الأبيض يعكس الحرارة أكثر من غيره من الألوان ، ولا يمتص إلا النزر القليل منها مما يساعد على تحمل وهج الشمس إثناء مراسيم التعميد التي تجري عادة في الهواء الطلق وتدوم سبع ساعات أو أكثر .
----------------------------------------------------
شرح الرستة والقماشي
بقلم الترميذا مثنى مجيد
بأسم الحي العظيم
الفاتحة (رواه أد هيي)
بشميهون أدهيي ربي لوفا ورواها أدهيي وشابق هطايي نهويلي ألهازا نيشمثا
اديلي ( الملواشة ) أدهازا مسخثا وشابق هطايي نهويله
بأسماء الحي العظيم الأتحاد وأنبعاث الحياة ومغفرة الخطايا يهدى لهذه النفس
بهذا المعراج ومغفرة الخطايا له
الرستة والقماشيى
1 – الرستة : ويرمز الى كساء النور الذي يرتديه سكان عالم النور, وهي الملابس الدينية وتسخدم في الطقوس الدينية وتتكون من خمس قطع حريرية بيضاء اللون ترمز للأسرار الربانية النورانية الخمسة في أيام البنجة وتتجسد في صفات الخليقة في الجسد البشري بالحواس الخمسة الموجودة في الوجه البشري وتتوزع في مناطق الـــرأس ( الشعر, العين, الأذن , الأنف, الفم ) وكذلك عدد الأصابع في أطراف الجسد البشري , والرستة جلبها
ملكا هيبل زيوا مبارك أسمهُ من عالم مشوني كشطا الى آدم وحواء في الأرض
أجزاء الرستة
1 – العمامة : ( بروزنقا ) وتمثل ملكا مارا أد ربوثا أليثا
2 – السروال: ( الشروال) ويمثل ملكا يوشامن دخيا
3 – الهميانة : تمثل ملكا مندادهيي
4 – القميص : ( ألبوشا ) ويمثل ملكا شيشلام طابا
5 – النصيفة : تمثل ملكا مانا ربا كبيرا
العمامة : بروزنقا وهي قطعة قماش طولها حوالي مترين وأحدى طرفيها يجب أن تكون فيه حافة ( ميسرة ) وتلف حول الرأس وتترك أحدى النهايتين مدلاة فوق الكتف الأيسر وتسمى لرجل الدين ( بندامة ) يلفها حول فمه أثناء الصباغة.
الشروال : وهو طويل وعريض ومرتخي ويخاط بطريقة خاصة
الهميانة : وهي عبارة عن سفيفة صوفية مكونة من أحدى وستون خيط صوف مجزوز من الأغنام الحية البيضاء تحاك بطريقة دينية خاصة بأن يدور الخيط ال61 على جميع الخيوط ويدل ذلك على أن دورة الخالق على 60 قدرة أنبثقت من خليقة أبتدأء من البنجة دهفة بروانايا حتى دهفة ديمانة وهي فترة 60 يوما , وكذلك تمثل ملكا مندادهيي عارف الحياة الخالق حيث بدوران الهميانة على أجزاء الرستة الخمسة التي تمثل الأسرار العظيمة التي أنبثقت في البنجة ويدل على دوران الخالق وقدرته العظيمة على
خليقته على كل الكون لأن جسد الأنسان قد فصل من الوسط أعلاه الى أسفله أي فصل عالم النور من عالم الظلام أي بعبارة أخرى أي أن الشخص المندائي أصبح مرتبطاً الى عالم النور. ويتوجب على الشخص المندائي المؤمن المكمل لأركان دينه( وليس فقط بالكلام) أن يشد الهميانة على الرستة في كل المراسيم الدينية , وكذلك تمثل الهميانة عالم مشوني كشطا وكل من يأكل ويشرب وهميانته مشدودة فأن ينابيع النور تنفتح لـهُ , وكل من يقطع الهميانة بشكل متعمد أو يحرقها أو تغلي بالماء الحار فأنهُ لا حصة له في عالم النور.
النصيفة: وهي شريط طويل من القماش وفيه حافة ميسرة وبالنسبة لرجل الدين يكون نفس عرض القماش وطوله حوالي (3 ) م يلفها رجل الدين بطريقة خاصة عند مزوالة طقس الصباغة.
القميص :ويكون مقداره حسب طول الشخص وهناك مكملات الى الرستة
التكة : وهو الخيط الذي يشد فيه السروال الى البطن
ويترك أحد طرفي التكة بدون خياطة الجهة اليسرى ولدى الشد يجب أن يوضع الطرف غير المخاط اليسرى فوق الطرف المخاط اليمنى وحين ربطهما يتدلى الطرف المخيط للجهة اليمنى.
الدشة : وهي قطعتان صغيرتان من نفس القماش تخاط من خارج الثوب في أعلى الناحية اليمنى من فتحة الصدر وهو المكان الذي يوضع فيه رجل الدين الترميذا الذي يريد أن يرتقي الى مرتبة كنزبرا , يضع قنينة المشا الصغيرة المعمولة بطريقة دينية خاصة في الدشة الصغيرة التي بالرستة
وتسمى (أنكرتا دخيا ) الرسالة الطاهرة التي يوصلها الشخص المتوفي أثناء عروجه الى أباثر
ملاحظة بالرستة أو القماشي
يجب أن تكون الخياطة فيها حافة وهناك مكملات الى رجل الدين
1 – المركنة : أو الصولجان وهي عصا من الزيتون المقدسة وتمثل ملك أبثاهيل
2 – شوم ياور: وهو خاتم ذهب خالص ينقش عليه ( شوم ياور زيوا )
باللغة المندائية بطريقة مقلوبة وعند الختم بالماء أثناء الصباغة أو في الطقوس
الأخرى تكون صحيحة ويلبسهُ رجل الدين الى الممات بيدة اليمنى ويمثل ملكا هيبل أثرا .
3 – التاغا : التأج ويمثل ملكا شيشلام ربا وهو من الحرير الجز أو القطن الخالص ويحصل عليه في أسبوع الطراسة ليبقى يستعملها لطول العمر.
القماشي
القماشي : ويسمى باللغة المندائية ( طرطبوني دخيا أد نهورا) أي الملابس النورانية البيضاء وهي ملابس الميت ( الكفن) وتستخدم في طقس القماشي الذي يستخدمه رجل الدين في أيام البنجة للشخص النازل الذي توفى بدون قماشي . يتألف القماشي من خمس قطع ( العمامة , الثوب الشروال الهميانة , الكابوع ) والكابوع هنا هو مثل النصيفة با الرستة ولكن يكون طويل الى أخمص القدمين ويضع فوق الرأس للشخص المحتضر وحيث توضع فيه حبة
من الذهب وتشد على جهة اليمنى وحبة فضة وتشد على جهة اليسرى .وهناك مكمل الى القماشي وهو الأكليلة.
الأكليلة : يعد أكليل الأس سراً من أسرار عوالم النور كَسر الماء الجاري وسر النور وسر الكشطا وسر الخبز المقدس البهثا والممبوها وسر التأج وكل هذه الأسرار لا تختلف عن قدسياتها الباقية فسر أكليل الآس من سر الحي العظيم الذي وصفه كتاب الكنزا ربا بأنه تنبعث من بين أوراقه أشعاعات الضياء والنور الوقار وشذى عطره يفوح على كل العوالم والأجيال فمثلما يعتبر التأج التاغا كالذهب والضوء وهو السر النقي للأب فأن الاكليل
يعتبر كالفضة والنور وهو السر النقي للأم والتأج يمثل العنصر المخصب بينما الأكليل يمثل العنصر المستلم أو المخصب ويستخدم الأس لأغراض كثيرة.
1 – أكليلة الآس للمتوفي التي تستخدم في القماشي
عندما تقترب المنية من الشخص يعمل رجل الدين أكليلة الأس بملواشة المحتضر ويجري عليها الطقوس الدينية برفع التاغا التاج وعند أكمال الطقس الديني لها تكون جاهزة لأستعمال وتضع تحت العمامة بحيث تتدلى أوراقه فوق الصدع الأيمن ويقرأ دعاء مندا أقرن وأن أشعاعات من الضوء والنور والوقار المنبعثة من بين أوراقه تبدد الظلام وبذلك يصبح مسلك النشمثا النفس والروح مضاءً وسهلاً وبأستطاعتها أن تتخطى الحفر والكمائن التي تضعها الأرواح الشريرة أمامها وكذلك تعبر جميع عوالم الظلام بصورة عامة وأن عوالم الظلام يغطون رؤوسهم لأنهم غير قادرين على النظر بسبب النور
المنبعث من الأكليل الأس والذي يغشى أبصارهم في حالة عدم عمل الأكليلة لأي سبب كان , تبقى روح المتوفي محبوسة بالمطهرات ولهذا يعمل قماشي آخر في أيام البنجة من قبل رجل الدين ( بملواشة المتوفي) على أن تكون الفترة الزمنية ليس أقل من (
45 ) يوم بعد الوفاة
بيوما إد نصَبلا شَمَشئيل نَصيفا لمندا إد هيي تلَثما وشِتين أِنَنياثا إد زيوا بكَوي نبَطيَن ـ في اليوم الذي ثبت َ شَمَشئيل النَصِيف لمندا إد هيي ثلاث مئة وستون عينا ً من الضوء نبعت منها . قُلَستا .
أهي ترميدي ومندايي إد يَقيري
سألت َ أسعدك هيي ربي عن الـ ( نَصيفا )
النَصِيف أو القـُبع ، هي قطعة طويلة من القماش تلقى على الكتفين أو الرأس وتثبت بالـ ( هميانا ) ، ومن خلال ذلك الاتحاد تتداخل خلايا أو عيون الضوء التي تمثل ( مانا ربا كبيرا ) أو النَصِيف مع روافد الماء التي تمثل ( مندا إد هيي ) أو الهميان . يصل طول الـ ( نَصيفا ) الى الركبتين في لباس الـ ( رستا ) ، اما في الكفن الـ ( قماشي ) فتصل الى القدمين . واثناء اجراء الصبغة الـ ( مصبُتا ) يربطها رجل الدين الصابغ على أعلى صدره ، ليضع بينها وبين صدره القِسم العلوي من الصولجان ( مَركَنا ) ، عند ذاك تكون يديه اثناء الصبغة في الماء متحررة من مسك الـ (مَركَنا ) فيكون ليديه مطلق الحركة ، اما رجل الدين المصطبغ فيضعها على رأسه ويمسك بها من الجهتين تحت الحنك وتدعى حينذاك ( كَنزالا ) ، وبعد ان يخرج من الماء تعاد الى وضعها الأول ، وكلما يقوم الصابغ برسم ( رشم ) جبين المصطبغ ، يمسك المصطبغ نهاية نَصِيفته ( قـُرنا إد نَصيفا ) من ناحية اليمين ويرشم بها بأصابع يده اليُمنى الوسطى والسبَّابة والإبهام من اليمين الى اليسار ثلاث مرات ، لكي يشع جبينه بالضياء ( زيوا ) . وعند الترسيم ( تراصا ) يُثبت فيها من أعلى طرف اليمين الذهبة ( دَهبا ) ومن أعلى طرف اليسار الفِضة ( كَسبا ) ، وتوضع على رأس المُرَّسم ( شوليا ) وكذلك المُعلم الذي يقوم بالرِسَامة ( ربي ) وتخاط من الجهتين تحت الحنك وتبقى الى انتهاء الترسيم وتدعى حينذاك قـُبع ، واما عند المُحتضر تكون كذلك ولكن أثناء مراسيم الدفن يُحلّ ما خيط بها تحت الحنك . وفي اثناء عقد الزواج يمسك العريس بيده اليمنى بطرف النَصِيف اليُسرى لرجل الدين العاقد ، حتى يكون الكَِنزي برا والعريس في ثياب التثبيت الجديدة ( كَِنزي برا ودامَد هَديثا بلبوشي تاقنا ) وهذا هو سِرّ الزواج الأبدي " . وتستعمل النَصِيف ايضا ً في مراسيم العهد ( كُشطا ) مع المساعد أو المراسل ( شكَندا ) وهذه هي رسائل ضوئية رُوحانية الى عالم الأنوار ، وفي طقوس الأكساء أيام عيد الخليقة ( بَرونايي ) ، وبعد كل تتويج يقوم به رجل الدين للتاج ( تاغا ) على رأسه يمسك نهاية النَصِيف ( قـُرنا إد نَصيفا ) اليمنى ويمس بها أذنه اليمنى ليكمل صلاة رسم الـ ( تاغا ) . والـ ( نَصيفا ) تكون لرجل الدين بعرض ذراع تقريبا ً وللعامة يمكن أن تكون أضيق من ذلك .
ومن جانب اخر تسمى مدينة القرنه في جنوب العراق نسبة الى كلمة ( قـُرنا ) المندائية ، التي هي بمعنى " نهاية أو طرف " ، لكون مدينة القرنه تقع في نهاية نهرا دجلة والفرات اطلق عليها هذا الأسم .
وشلاما شلم ميمرا
الربي رافد السبتي